بقوله : «ألا ما حرم رسول الله ، كما حرم الله» (٤) على من فصل بين الكتاب والسنة.
البحث الثاني : مع الذهبي في دفاعه عن أبي بكر :
إن الذهبي ـ بعد أن نقل هذا الحديث ، عن أبي بكر ـ قال : «إن مراد الصديق التثبت في الأخبار ، والتحري ، لا سد باب الرواية ... ولم يقل (حسبنا كتاب الله) كما تقو ل الخوارج (٥).
أقول : يرد على الذهبي أمور :
١ ـ قوله : مراد الصديق التثبت ... لا سد باب الرواية.
ففيه : إن من يريد سد باب الرواية عن رسول الله صلى عليه وآله وسلم ، ومنع نقل الحديث عنه مطلقا ، هل يجد كلاما أوضح دلالة ـ على عموم المنع ـ من قول : «لا تحدثوا عن رسول الله شيئا»؟!
ولو لم يرد المتكلم بهذا الكلام سد باب الرواية ، بل كان يريد التثبت والتحري ـ كما فرضه الذهبي ـ لما جاز له أن يأتي بما يدل على عموم المنع والنهي عن الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كان عليه أن يقول ـ مثلا ـ : لا تحدثوا بكل ما تسمعون أو تروون. أو يقول : لا تحدثوا بما لا تتثبتون ... وما أشبه ذلك ، أو يأمرهم بالاحتياط ، ويحذرهم عن الخطأ والاشتباه.
كما أن قوله : «بيننا وبينكم كتاب الله ، فاستحلوا حلاله ، وحرموا حرامه» قرينة واضحة على أن مراده نبذ السنة مطلقا وراء الظهور ، والاكتفاء بكتاب الله وما فيه من حلال وحرام ، تلك الدعوة التي نادى بها أهل الفصل بين الكتاب والسنة والاكتفاء بالكتاب والاستغناء عن السنة.
٢ ـ قول الذهبي : ولم يقل ـ يعني أبا بكر ـ حسبنا كتاب الله.
__________________
(٤) أوردنا نصوص الأحاديث عن مصادرها في كتابنا «التدوين».
(٥) تذكرة الحفاظ ١ / ٣ ـ ٤.