فسادها ، فلم تعد لهم قائمة تذكر ، والحمد لله.
لكن اجتثاث جذور فتنتهم ، وقطع شأفة فسادهم ، يقتضي البحث عن أساس تشكيكاتهم وتسويلاتهم ، وأصل التعدي على هذا العماد العظيم من أعمدة الإسلام ، ليمكننا القضاء عليه من أسسه ، وهدم مبانيه على رؤوس مؤسسيه.
وقد أحفينا البحث والتنقيب ، في مجريات التاريخ الإسلامي في القرن الأول ، وفي فترة عهد الخلفاء ، لاقتناص تلك الأسباب والعلل ، فكانت النتيجة مذهلة ، إذ وجدنا أن السنة النبوية ـ والحديث الشريف بالخصوص ـ قد تعرضت لإجراءات عدائية غريبة ، في فترة عهد الخلفاء ، بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مباشرة.
بل ، قد بدأت المعارضة للحديث الشريف ، المتمثل في كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، ولما يفارق هو صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الدنيا ، ولم يلفظ بعد أنفاسه الأخيرة ، حين طلب من أمته دواة وقرطاسا ليكتب لهم كتابا ، لا يضلوا بعده أبدا.
فلم يلبوا طلبه ، بل واجهوه بأصعب من المخالفة ، حيث قال عمر : قد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله (١).
فكانت هذه أول عملية منع لكتابة حديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بينما كان هو الطالب لكتابته ، وقد هم بها بنفسه.
وهي أول عملية صد فيها عن الحديث ، بدعوى الاكتفاء بكتاب الله إ.
ولقد استعمل أولئك أسلوبين لمواجهة الحديث الشريف ، وكل منهما يكمل الآخر ويدعمه ، في الوصول إلى هدفهم :
أحدهما : منع تدوين الحديث وكتابته.
__________________
(١) رواه البخاري في مواضع من صحيحه ، من رواية عبد الله بن عباس ، منها باب مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ٦ / ١١.
وانظر : المصنف لعبد الرزاق ٥ / ٤٣٨ ، ومسند أحمد ١ / ٣٣٦ ، ودلائل النبوة ـ للبيهقي ـ ٧ / ١٨١ ، والملل والنحل ـ للشهرستاني ١ / ٢١.