لم يسمعها جابر بن سمرة ، وأنس ، وعمر بن الخطاب. وعبد الملك بن عمير ، وأبو جحيفة ، بسبب ما اثاره المغرضون من ضجيج هي كلمة :
«كلهم من بني هاشم» كما ورد في بعض النصوص (٨٢) ، وهي الرواية التي استقربها القندوزي الحنفي ، على أساس : أنهم «لا يحسنون خلافة بني هاشم» (٨٣).
إلا يكون صلىاللهعليهوآله قد قال الكلمتين معا ، أي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : «كلهم من قريش ، كلهم من بني هاشم». ويكون ذكر الفقرة الأولى توطئة ، وتمهيدا لذكر الثانية : فثارت ثائرة قريش ، وأنصارها ، وعجوا وضجوا ، وقاموا وقعدوا ...!!
وإلا .. فإن قريشا ، ومن يدور في فلكها لم يكن يغضبهم قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «كلهم من قريش» بل ذلك يسرهم ، ويفرحهم ، لأنه هو الأمر الذي ما فتئوا يسمعون إليه ، بكل ما أوتوا من قوة وحول ، يخططون ويتآمرون ، ويعادون ويحالفون من أجله ، وعلى أساسه ، فلماذا الهياج والضجيج ، ولماذا الصخب والعجيج ، لو كان الأمر هو ذلك؟!
الموقف .. الفضيحة :
ولا نشك في أن طائفة الأخيار والمتقين الأبرار من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت تلتزم بأوامره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتنتهي بنواهيه ، وتسلم له صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل ما يحكم ويقضي به.
أما من سواهم ـ وهم الأكثرية بالنسبة لأولئك ـ من أصحاب الأهواء ، وطلاب اللبانات ، وذوي الطموحات ، ممن لم يسلموا ، ولكنهم غلبوا عل أمرهم : فاستسلموا ، وأصبح كثير منهم يتظاهر بالورع ، والدين والتقوى ، والطاعة والتسليم لله ، ولرسوله ، متخذا ذلك ذريعة للوصول إلى مآربه ، وتحقيق أهدافه.
__________________
(٨٢) ينابيع المودة : ٥ ٤ ٤ عن مودة القربى ، وراجع : منتخب الأثر : ٤ ١ وهامش ص ١٥ عنه.
(٨٣) ينابيع المودة ٤٦ ٤.