معنى
قلت :
العتب قد يهب به نسيم الحكمة ، وقد لا يهب.
وجه الأول : أن من المعاتبين من غفت عنه عيون الإنصاف ، وعفت (٧٧) لديه رسوم الاعتراف.
فيتعين عليه عند ذلك كحل العيون الهاجدة بميل العتب ، إيثارا لإيقاظها من رقدتها ، وإنباهها من سنتها أو هجعتها.
فالمين (٧٨) من عارف أولا عارف ، وخيم الجهات وبئ العرصات.
وطالما ظن بعض من يصحب أكثر العمر أنه في غاية محسن ، وهو في غاية مسئ.
إذ الملاطفة في الصحبة الظالمة بمنزلة خداع السراب ، الضار بتقدير ترك الاحتياط في الروى (٧٩) من الماء.
وذلك مظنة العطب عند الحاجة إليه ، وخلو أمكنة الطلب عنه.
فالعدو المبارز على هذا قد يكون إلى النفع أقرب منه ، لأنه موقظ للاستعداد بفنون الزاد.
__________________
(٧٧) عفت : امحت واندثرت.
(٧٨) في المخطوط : «فالعين» ولا مكان لها في هذا النص. وقد استحلت في عيني بادي بدء كلمة «فالعتب» ولكن السياق أباها أيضا ، فأثبت ما وافق السياق.
والمين : الكذب.
(٧٩) الروى : الكفاية من الماء.