إذا خففت «إنّ» فالأكثر في لسان العرب إهمالها فتقول : «إن زيد لقائم» (١). وإذا أهملت لزمتها اللام فارقة بينها وبين «إن» النافية.
ويقل إعمالها فتقول : «إن زيدا قائم» وحكى الإعمال سيبويه والأخفش رحمهماالله تعالى ، فلا تلزمها حينئذ اللام ، لأنها لا تلتبس والحالة هذه بالنافية ، لأن النافية لا تنصب الاسم وترفع الخبر ، وإنما تلتبس ب «إن» النافية إذا أهملت ولم يظهر المقصود بها ، فإن ظهر المقصود بها فقد يستغنى عن اللام كقوله :
١٠٤ ـ أنا ابن أباة الضّيم من آل مالك |
|
وإن مالك كانت كرام المعادن (٢) |
__________________
(١) إن : مخففة مهملة ، زيد : مبتدأ ، لقائم : اللام : فارقة ، قائم : خبر المبتدأ.
(٢) البيت للشاعر الخارجي الطرماح بن حكيم. الضيم : الظلم ، مالك : قبيلة ، المعادن : الأصول.
المعنى : إنني من آل مالك الذين يأبون الظلم ويعافون المذلة. ولقد عرفت مالك على الأيام بكرم أصولها ورفعة أنسابها. وفي رواية : ونحن أباة ....
الإعراب : أنا : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ، ابن : خبر ، أباة : مضاف إليه. الضيم : مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ، من آل : جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من أباة الضيم. مالك : مضاف إليه ، وإن : الواو : حرف عطف ، إن : مخففة من الثقيلة مهملة ، مالك : مبتدأ ، كانت : كان : فعل ماض ناقص ، والتاء : للتأنيث ، واسم كان : ضمير مستتر جوازا تقديره هي ، كرام : خبر كان منصوب. المعادن : مضاف إليه مجرور ، وجملة كان مع معموليها في محل رفع خبر المبتدأ : مالك. وجملة المبتدأ والخبر معطوفة على جملة أنا ابن أباة الضيم الابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه : قوله : «إن مالك كانت كرام المعادن» فقد أهمل الشّارح «إن» المخففة. ولم يأت في الخبر باللام الفارقة بين المؤكدة والنافية وذلك للقرينة المعنوية ، فالموقف موقف مديح وتأكيد للكرم ، والنافية لا تناسب المقام ولذا استغني عن اللام لعدم اللبس. وقد تكون القرينة لفظية لا معنوية كقولهم : إن الحقّ لا يخفى على ذي بصيرة ، فالنفي بلا دليل على أنّ معنى «إن» المخففة التوكيد. لا النفي ، لأن نفي النفي إثبات ، والإثبات مفسد للمعنى في الجملة.