ذكر الحروف المشبّهة بالفعل (١)
وهي : إنّ وأنّ وكأنّ وليت ولعلّ ولكنّ ، تدخل على الجملة الاسميّة فتنصب المبتدأ ويسمّى اسمها وترفع الخبر ويسمّى خبرها ، ووجه شبهها بالفعل المتعدي أنّها تقتضي اسمين كما يقتضيهما الفعل المتعدّي ، فتنصب أحدهما وترفع الآخر كما صنع في مقتضى الفعل المتعدّي ، وقدّم المنصوب على المرفوع للفرق بين الفعل وما أشبهه (٢) وكلّها لها صدر الكلام غير أنّ المفتوحة ، وإنّما كان لها صدر الكلام لأنّ كلا منها يدلّ على قسم من أقسام الكلام من تمن أو ترجّ أو استدراك أو غير ذلك فوجب التقديم ، وأمّا أنّ المفتوحة فإنّها مع ما في حيّزها في تأويل المفرد ، وإنّما التزموا أن لا تكون أوّل الكلام (٣) لئلا تبقى عرضة لدخول إنّ المكسورة عليها ، فإنه لا يجوز أن تقول : إنّ أنّ زيدا منطلق عند سيبويه (٤) وذكر أنّ / العرب اجتنبت ذلك كراهة لاجتماع اللفظين المشتبهين ، وأجازه الكوفيون (٥) وتلحق هذه الحروف ما (٦) فتلغيها عن العمل على الأفصح ، وتدخل حينئذ على الجملة الفعليّة أيضا ، كقولك : إنّما زيد قائم ، وإنما قام زيد (٧) ، ولا يتحتم الإلغاء مع ما بل يجوز الإعمال أيضا (٨)
__________________
(١) الكافية ، ٤٢٤.
(٢) في شرح الوافية ، ٣٨٨ وما أشبه الفعل.
(٣) بعدها في شرح الوافية ، ٣٨٩ لئلا تلتبس ب «أنّ» التي بمعنى لعلّ ، وتلك لا تكون إلا أول الكلام ثم قال ابن الحاجب : أو لئلا تكون عرضة. وهو ما نقله أبو الفداء هنا. وانظر إيضاح المفصل ، ٢ / ١٦٥.
(٤) في الكتاب ٣ / ١٢٤ : واعلم أنه ليس يحسن لأنّ أن تلي إنّ ، ولا أنّ كما قبح ابتداؤك الثقيلة المفتوحة.
وانظر إيضاح المفصل ، ٢ / ١٦٥.
(٥) شرح المفصل ، ٨ / ٥٩ ـ ٦٠.
(٦) الكافية. ، ٤٢٤.
(٧) شرح الوافية ، ٣٨٩ والنقل منه.
(٨) قال الزجاجي في الجمل ، ٣٠٤ : ومن العرب من يقول : إنما زيدا قائم ولعلما بكرا مقيم فيلغي ما ، وينصب بإن وكذلك سائر أخواتها» وظاهر كلام أبي الفداء تبعا أيضا لابن الحاجب في شرح الوافية ، ٣٨٩ أنه يجوز في الأدوات جميعها الإعمال والإلغاء في حين أن جمهور النحويين قيدوا ذلك فقالوا : إن قرنت هذه الأدوات ب «ما» الزائدة ألغيت وجوبا ، إلا ليت فجوازا ، واقتصار أبي الفداء في التمثيل ببيت النابغة لعله يفيد أنه تابع للجمهور ، انظر لذلك كتاب ، ٣ / ١٣٠ وشرح المفصل ، ٨ / ٥٤ والهمع ، ١ / ١٤٣ وشرح الأشموني ، ١ / ٢٨٣.