كما أنّ المفعول فاعل أيضا في المعنى ، ولهذا جاز عند البصريين في الضرورة خاصة : خاصم زيد عمرو برفعهما ، وحكى ابن الأنباري (١) أنّ بعض النحاة يجيز نصبهما كما يجيز رفعهما (٢) ، ويجيء فاعل بمعنى فعل نحو : سافر (٣) ، ويجيء بمعنى أفعلت نحو : عافاه الله أي أعفاه ، وطارقت النّعل أي أطرقها ، ويجيء بمعنى فعّل نحو : صاعر خدّه أي صعّر ، وضاعف أي ضعّف ، ويجيء بمعنى تفاعل نحو : سارع وتسارع وجاوز وتجاوز بمعنى (٤).
ذكر معاني انفعل (٥)
لا يكون إلّا مطاوع فعل ، نحو : كسرته فانكسر إلّا ما شذّ من مجيئه مطاوعا لأفعل نحو : أقحمته فانقحم ، وأغلقته فانغلق ، وأزعجته فانزعج ، ولا يكون إلّا حيث علاج وتأثير ، لأنّه قبول المفعول فعل الفاعل ، ولهذا كان قولهم : انعدم ، خطأ ، لأنّه لا معالجة فيه إنّما هو فقد وذهاب فليس هو مثل انقطع الذي هو قبول القطع ، فأما قولهم : هذا القول لا ينقال وقد انقال ، فهو لأنّ القائل يعمل في تحريك لسانه وإدارته ويقال : طردته فذهب ولا يقال : انطرد استغناء بذهب عنه (٦).
ذكر معاني افتعل (٧)
وهو يجيء بمعنى انفعل (٨) غالبا في كونه مطاوع فعل كقوله : غممته فاغتمّ
__________________
(١) هو أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري المتوفى ٥٧٧ ه من تصانيفه الإنصاف وأسرار العربية ، انظر ترجمته في إنباه الرواة ، ٢ / ١٦٩ ووفيات الأعيان ، ٣ / ١٣٩ والبلغة ، ١٢٤.
(٢) وذلك أنّ فاعليّة زيد ومفعوليّة عمرو مما صرّحت به ويجيء العكس الذي هو فاعليّة عمرو ومفعوليّة زيد ضمنا ، إذ الضرب كما وقع من زيد على عمرو وقع من عمرو على زيد ، لأنّهما متشاركان فيه وكلّ واحد منهما فاعل من وجه ومفعول من وجه آخر. انظر حاشية ابن جماعة على شرح الجاربردي ، ١ / ٤٧ ، وانظر الأمالي الشجرية ، ١ / ٢١٨.
(٣) أي لنسبة الفعل إلى الفاعل لا غير فسافرت بمعنى سفرت. مناهج الكافية ، ٢ / ٢٨.
(٤) الكتاب ، ٤ / ٦٨ وإيضاح المفصل ، ٢ / ١٢٩ وشرح الشافية ، ١ / ٩٦.
(٥) المفصل ، ٢٨١ والكتاب ، ٤ / ٦٥ وإيضاح المفصل ، ٢ / ١٣١ وشرح الشافية ، ١ / ١٠٨.
(٦) في الكتاب ، ٤ / ٦٦ وربما استغني عن انفعل في هذا الباب فلم يستعمل ، وذلك قولهم : طردته فذهب ولا يقولون : فانطرد ولا فاطّرد. وانظر إيضاح المفصل ، ٢ / ١٣١ ومناهج الكافية ، ٢ / ٣١.
(٧) المفصل ، ٢٨١ ـ ٢٨٢.
(٨) بعدها في الأصل : المطاوع في كونه غالبا وشطب الناسخ على «كونه».