ومما يناسب نعم ، حبّذا (١) وهو مركّب من حبّ وذا ـ (٢) وفاعله ذا ، ويراد به مشار إليه في الذهن ، وذا في حبّذا ، لا يتغيّر سواء كان المخصوص مفردا أو مثنّى أو مجموعا أو مذكرا أو مؤنثا (٣) ، تقول : حبّذا زيد وحبّذا الزيدان وحبّذا الزيدون وحبّذا هند وحبّذا الهندان وحبّذا الهندات ، وإنما لم يتغيّر عن هذا اللفظ ، لأنّهم جعلوا الفعل والفاعل كالكلمة الواحدة فكرهوا التصرّف فيه ، واستغنوا بالمخصوص عن تفسير الفاعل ولم يستغنوا في نعم بالمخصوص عن تفسير الفاعل المضمر بل فسّروه بالنكرة ، لئلا يؤدي حذف النكرة المفسّرة في نعم إلى التباس المخصوص بفاعل نعم في كثير من الصور ، ألّا ترى أنّك لو قلت نعم السلطان وجوّزت الإضمار في نعم من غير تفسير ، لم يعلم هل الفاعل السلطان أم المخصوص بالمدح بخلاف حبّذا فإن «ذا» مؤذن بأنه الفاعل ، وإعراب مخصوص حبّذا كإعراب مخصوص نعم (٤) في كون المخصوص مبتدأ وما قبله خبره ، أو خبر مبتدأ محذوف (٥) ويجوز قبل ذكر مخصوص حبّذا أن يقع حال موافق للمخصوص في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث نحو : حبذا راكبا زيد ، وحبّذا راكبين الزيدان ، ويجوز وقوع هذه الحال بعد المخصوص أيضا نحو : حبّذا زيد راكبا وحبّذا الزيدان راكبين ، ويجوز أيضا أن يقع قبل المخصوص وبعده تمييز على وفق المخصوص في الإفراد وغيره كما قيل في الحال نحو : حبّذا رجلا زيد ، وحبّذا زيد رجلا (٦) والعامل في هذه الحال وهذا التمييز ما في حبّذا من معنى الفاعليّة ، وذو الحال ذا في حبّذا لا زيد ، لأنّ زيدا هو
__________________
(١) المفصل ٢٧٥ وفيه : وحبذا مما يناسب هذا الباب وفي الكافية ٤٢٢ ومنها حبذا وفاعله ذا ، وفي شرح الوافية ٣٧٧ وحبذا مما يناسب نعم.
(٢) بعدها في الأصل مشطوب عليه «لأن أصله حب وذا».
(٣) في الكتاب ، ٢ / ١٨٠ وصار المذكر هو اللازم لأنه كالمثل.
(٤) هذا التفصيل زيادة عما في شرح الوافية ، ٣٧٧.
(٥) أو مبتدأ محذوف الخبر وجوبا وذهب بعض إلى أنه بدل وبعض آخر إلى أنه عطف بيان ويردهما أنه يلزم عليهما وجوب ذكر التابع ويردّ البدل أنه لا يحلّ محلّ الأول ، ويردّ البيان وروده نكرة انظر حاشية الصبان على شرح الأشموني ، ٣ / ٤١.
(٦) قال السيوطي في همع الهوامع ، ٢ / ٨٩ : إن كان مشتقا فهو حال وإلّا بأن كان جامدا فهو تمييز وقال الأخفش والفارسي والربعي : حال مطلقا ، وقال أبو عمرو بن العلاء : تمييز مطلقا ، وقيل : إنه منصوب بأعني مضمرة فهو مفعول لا حال ولا تمييز قاله أبو حيان وهو غريب.