هو تعريف الجنس لا تعريف العهد ، لأنّك إذا مدحت جنس الشيء لأجل ذلك الشيء فقد بالغت في مدح ذلك الشيء (١) واعلم أنّ من قال أنه للعهد ، إنما يريد به أنه لمعهود في الذهن لا لمعهود معيّن في الخارج ، وذلك المعهود الذهني مبهم باعتبار الوجود الخارجي ، كما أنّ أسامة معرفة باعتبار الذهن / وليس معرفة باعتبار الوجود في الخارج.
وبعد ذكر الفاعل يذكر المخصوص بالمدح أو الذمّ فإذا قلت : نعم الرجل زيد ، فالمخصوص بالمدح هو زيد ، كأنهم قصدوا إلى إبهام المخصوص أولا ليعظم وقعه في النفس وتتشوق النفس إلى تفسيره ثم فسّر بنحو : زيد ، وكذلك إذا قيل : نعم رجلا زيد فإنّ الفاعل أضمر وأبهم ثم فسّر جنس ذلك المضمر بالنكرة المميزة ، فيكون التقدير : نعم الرجل رجلا زيد.
واعلم أنه يجوز الجمع بين الفاعل الظاهر وبين النكرة المميزة تأكيدا للفاعل الظاهر فتقول : نعم الرجل رجلا زيد ، وهو جمع بين المفسّر والمفسّر ، لكن جوّز لتأكيد الظاهر ، وللتنبيه على أنّ هذا هو الأصل (٢) وفي إعراب المخصوص بالمدح أو الذمّ وجهان :
أحدهما : أن يكون مبتدأ والجملة التي قبله أعني نعم وفاعلها خبره ، فيكون أصله : زيد نعم الرجل ، واستغنى الخبر عن ضمير يعود إلى المبتدأ الذي هو زيد ، لكون زيد هو الرجل ، لأنّ المخصوص عبارة عن الفاعل ومفسّر له ولا يحتاج إلى عائد.
والثاني : أن يكون خبرا والمبتدأ محذوف على تقدير : هو زيد ، فعلى الوجه الأول يكون نعم الرجل زيد ، جملة واحدة ، وعلى الوجه الثاني يكون جملتين (٣) وشرط هذا المخصوص (٤) أن يكون مطابقا لفاعل نعم في المعنى والإفراد والتثنية
__________________
(١) إيضاح المفصل ، ٢ / ٩٩.
(٢) هذا رأي المبرد وابن السراج والفارسي ، ومنع سيبويه والسيرافي وجماعة ذلك. انظر الكتاب ، ٢ / ١٧٥ ، ١٧٩ والمقتضب ، ٢ / ١٥٠ والخصائص ، ١ / ٣٩٥ ، وشرح المفصل ، ٧ / ١٣٢ والهمع ، ٢ / ٨٦.
(٣) شرح الوافية ، ٣٧٥ والهمع ، ٢ / ٨٧.
(٤) الكافية ، ٤٢٢.