القسم الأول : (١) الفعل الذي وضع لدنوّ الخبر على سبيل (٢) الرّجاء وهو عسى
فإنّها وضعت لدنو الفعل على سبيل الرّجاء نحو قولك : عسى الله أن يشفي مريضك ، تريد أن قرب شفائه مرجو من الله ، وعسى فعل غير متصرّف بمعنى ؛ أنه لا يأتي منه المضارع ولا اسم الفاعل ولا الأمر ولا النهي ، وإنما لم تتصرّف لتضّمنها معنى (٣) لعلّ ، فإنه كما منع الاسم الإعراب لمشابهة الحرف ، كذلك منع الفعل التصرّف لمشابهة الحرف لأنّ الحروف وضعت لإنشاء المعنى ، لا للإخبار عن المعنى ، والتصرّف ينافي الإنشاء ، لأنّ التصرف يدلّ على الخبر في الماضي أو في الحال أو في الاستقبال بحسب صيغته (٤) وتأتي عسى على ضربين ناقصة وتامة :
ذكر عسى الناقصة
وهي تقدّر بفعل متعدّ فتقدّر بمعنى قارب ، ويقع بعدها اسم إمّا ظاهر أو مضمر ، وخبرها أن مع الفعل ، ولا تتمّ بدون الخبر نحو : عسى زيد أن يخرج ، وعسيت أن أخرج ، والتقدير : عسى زيد الخروج ، أي قارب زيد الخروج ، وأصل خبر عسى الناقصة أن يكون اسما قياسا على خبر كان ، إلّا أنه صار متروكا ، وقد شذّ مجيئه اسما صريحا كقولهم : (٥) «عسى الغوير أبؤسا» ، وقد تمثّلت به الزباء لمّا عدل قصير عن الطريق وأخذ على الغوير ، فاستنكرت حاله وقالت : عسى الغوير أبؤسا أي
__________________
(١) الكافية ، ٤٢١.
(٢) غير واضحة في الأصل.
(٣) بعدها في الأصل مشطوب عليه «الإنشاء فأشبه الحرف من حيث أن معاني الإنشاء أصلها أن تكون بالحرف» وشبيه به ما ذكره في إيضاح المفصل ، ٢ / ٩٠ وجعل ابن يعيش في شرح المفصل ، ٧ / ١١٦ جمودها لمشابهتها ليس.
(٤) وبعدها في الإيضاح ، ٢ / ٩٠ وذلك مناقض لمعنى الإنشاء إذ لا يستقيم أن يكون لماض ولا لمستقبل ، وأيضا فإن الخبر ما يحتمل الصدق والكذب والإنشاء بخلافه فلا يستقيم الجمع بينهما.
(٥) المثل في الكتاب ، ١ / ٥١ وفصل المقال ، ٣٣٥ ، ومجمع الأمثال ، ١ / ٤٧٧ والمستقصى ، للزمخشري ، ٢ / ١٦١ وشرح الكافية ، ٢ / ٣٠٢. والغوير تصغير غار ، وقال ابن الأعرابي : نصب أبؤسا على معنى عسى الغوير يصير أبؤسا ، ويجوز أن يقدر : عسى الغوير أن يكون أبؤسا ، وقال أبو علي : جعل عسى بمعنى كان ونزل منزلته.