يكن كلاما (١) ، وجميعها تدخل على الفاعل لتفيد تقريره على صفة باعتبار معناها ، فيكتسب الخبر حكم معناها (٢) وهو إما إثبات كما في كان ، وإمّا نفي ، كما في ليس وإما استمرار كما في ما زال ، وإنما رفعت الأول لأنها تفتقر إلى اسم يسند إليه كسائر الأفعال ، فارتفع ما أسندت إليه تشبيها له بالفاعل ، فلما رفعت الأول وجب نصب الثاني على التشبيه بالمفعول ، ويسمّى الأول اسم كان والثاني خبر كان (٣) وحال اسم كان وأخواتها وخبرها مثل حالهما في باب المبتدأ والخبر ، فيكون الأصل في اسمها أن يكون معرفة ، وخبرها نكرة ، وأمّا قول القطامي : (٤)
قفي قبل التّفرّق يا ضباعا |
|
ولا يك موقف منك الوداعا |
فإنه قلب فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة ، لأنّ المعنى غير مجهول مع ضعف ذلك (٥) وقد روي : ولا يك موقفي ، ومثل ذلك قول حسّان : (٦)
وربّ سبيئة من بيت رأس |
|
يكون مزاجها عسل وماء (٧) |
ومثله بيت الكتاب : (٨)
فإنّك لا تبالي بعد حول |
|
أظبي كان أمّك أم حمار |
فاسم كان نكرة وهو ظبي ، لأنّ التقدير أكان ظبي ، لاقتضاء الهمزة الفعل بعدها ، وخبرها معرفة وهو قوله : أمّك ، وارتفع حمار على تقدير أم هو حمار.
__________________
(١) تسهيل الفوائد ، ٣٥ ، وشرح الكافية ، ٢ / ٢٩٠ والهمع ، ١ / ١١٥.
(٢) الكافية ، ٤٢٠.
(٣) الإنصاف ، ٢ / ٨٢١ شرح الوافية ، ٣٦٤ وشرح التصريح ، ١ / ١٨٤ والهمع ، ١ / ١١١ وحاشية الصبان ، ١ / ٢٢٥.
(٤) عمير بن شييم شاعر فحل رقيق الحواشي حلو الشعر ، انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء ، ٢ / ٥٣٥ ومعجم الشعراء ، للمرزباني ١٦٦. والبيت ورد في ديوانه ، ٣٧ ، ومنسوبا له في الكتاب ، ٢ / ٢٤٣ والمقتضب ، ٤ / ٩٤ والحلل ، ٥١ وشرح الشواهد ، ٣ / ١٧٣ وخزانة الأدب ، للبغدادي ٢ / ٣٦٧ ومن غير نسبة في المغني ، ٢ / ٨٤٩ وشرح الأشموني ، ٣ / ١٧٣.
(٥) بعدها في الأصل مشطوب «والوداع بفتح الواو وكسرها» وانظر اللسان ، ودع.
(٦) حسان بن ثابت ، الشاعر المعروف انظر أخباره في الشعر والشعراء ، ١ / ٢٢٣.
(٧) تقدم الكلام على هذا الشاهد في ١ / ١٤٥.
(٨) البيت لخداش بن زهير ، نسب له في الكتاب ، ١ / ٤٨ والمقتضب ، ٤ / ٩٤ وشرح المفصل ، ٧ / ٩١ وشرح شواهد المغني ، ٢ / ٩١٨ ومن غير نسبة في المغني ، ٢ / ٥٩٠.