وكسر الهاء ، كان أصله يتقي ، حذفت الياء للجزم ، ثمّ ألحقت هاء السكت صار يتّقه ، ثم أسكنت القاف تشبيها لتقه بكتف ثمّ حركت هاء السكت وهي الساكن الثاني لالتقاء الساكنين (١) ، قال ابن الحاجب : (٢) وفيه تعسّف مع الاستغناء عنه ، والأولى أن يقال إنّ الهاء ضمير عائد على اسم الله وسكنت القاف على ما ذكر بقي : ويتّقه من غير اجتماع ساكنين ، ومن غير تحريك هاء السكت وإثباتها في الوصل.
ومن ذلك : «ردّ» في لغة بني تميم ، وهي في لغة الحجاز اردد ، فنقل بنو تميم حركة الدّال الأولى إلى الرّاء فسقطت همزة الوصل وسكّنت الدال الأولى لثقل حركتها ، فأدغموها في الدال الثانية ، فالتقى ساكنان الدّال الأولى المدغمة ، والثانية الساكنة بفعل الأمر ، فوجب تحريك الساكن الثاني لاجتماع الساكنين ، لأنّهم لو حركوا الأول لبطل الإدغام وانتقض ما أرادوه من التخفيف بالإدغام فقالوا : ردّ ، وقالوا في المعرب : لم يردّ ، فالذين أدغموا دال ردّ ، شبّهوه بالمعرب المنصوب والمرفوع نحو : لن يردّ وهو يردّ ، فإنّه أدغم إجماعا ، فشبّهوا المبنيّ والمجزوم بالمعرب فأدغموا لكن المعرب لا يجتمع فيه ساكنان لحركة الرفع والنصب ، وأهل الحجاز كما قالوا في المني : اردد قالوا في المعرب : لم يردد ، فلم يجتمع في لغتهم ساكنان (٣).
ذكر أنّ أصل هذه الحركة أن تكون بالكسر (٤)
اعلم أنّ الأصل فيما حرّك من الساكنين أن يكون بالكسر لما بين الكسر
__________________
وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر ويتّقه جزما بكسر القاف وقرأ حفص عن عاصم ويتّقه ساكنة مكسورة بغير ياء الكشف ، ٢ / ١٤٠ والسبعة ، ٤٥٧ / ٤٥٨ والاتحاف ، ٣٥.
(١) هذا رأي الزمخشري في المفصل ٣٥٣ وأبي علي على ما حكاه ابن الحاجب في الإيضاح ، ٢ / ٣٥٧ قال الرضي ، ٢ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠ وفيما قال ارتكاب تحريك هاء السكت وهو بعيد.
(٢) انظر رأي ابن الحاجب في إيضاح المفصل ، ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨ (المطبوع) وقد ذكر الجاربردي ، ١ / ١٥٩ أن هذا الرأي للجرجاني ، ومؤداه أن الهاء في يتّقه ضمير عائد على الله تعالى ، وأصله يتقيه حذفت الياء للجزم ، وسكنت القاف على ما ذكر فبقي يتقه ، فلا اجتماع ساكنين ، ولا تحريك لأجله ، وانظر حاشية ابن جماعة ، ١ / ١٥٩.
(٣) الكتاب ، ٢ / ٢٦٥ وشرح المفصل ، ٩ / ١٢٧.
(٤) المفصل ، ٣٥٣.