والاستفهام والتمني والعرض (١) ولذلك ارتفع يغضب في قولهم : الذي يطير فيغضب زيد الذباب ، لفوات أحد الأمور الستة وإن كانت الفاء فيه للسبب ، وأمّا قول الشّاعر (٢).
سأترك منزلي لبني تميم |
|
وألحق بالحجاز فأستريحا |
فأجري الكلام الموجب مجرى أحد الأمور الستة لضرورة الشعر.
واعلم أنّ الفعل الذي بعد الفاء في تقدير المصدر ، وهو معطوف بالفاء فوجب أن يجعل ما قبله في تقدير المصدر لئلا يلزم عطف الاسم على الفعل ، فمثال الأمر : أكرمني فأكرمك أي ليكن منك إكرام فإكرام مني ، ومثال النهي قوله تعالى : (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)(٣) أي لا يكن منكم طغيان فحلول غضب مني ، ومثال النفي : ما تأتينا فتحدّثنا (٤) أي لا إتيان منك فلا حديث ، ومثال الاستفهام قوله تعالى : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا)(٥) أي هل حصول شفعاء فشفاعة لنا ، ومثال التمني قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٦) أي ليت لي (٧) كونا معهم ففوزا عظيما لي ، ومثال العرض : ألا تزورنا فنكرمك ، أي ألا يكون زيارة منك فإكرام منا.
واعلم أنّ الفاء كما تنصب بإضمار أن بعد الأمور الستة كما ذكرناه فكذلك تنصب بعد الدعاء والتحضيض ، مثال الدّعاء : اللهمّ ارزقني بعيرا فأحجّ عليه ، ومثال
__________________
(١) كذا في شرح الوافية ، ٣٤٧ وزاد عليه الدعاء والتحضيض وسيأتيان بعد ، ومن النحويين من يجتزىء عن كل ذلك بالأمر وحده ، وزاد الفراء الترجي. شرح المفصل ، ٧ / ٢٦ وشرح التصريح ، ٢ / ٢٣٨.
(٢) البيت للمغيرة بن حبناء التميمي الحنظلي ، روي منسوبا له في شرح الشواهد ، ٣ / ٣٠٥ وشرح شواهد المغني ، ١ / ٤٩٧ ومن غير نسبة ، في الكتاب. ٣ / ٣٩ ـ ٩٢ والمقتضب. ٢ / ٢٢ وأمالي ابن الشجري ، ١ / ٢٧٩ والمقرب ، ١ / ٢٦٣ وشرح الكافية ، ٢ / ٢٤٥ وشرح شذور الذهب ، ٣٠١ والمغني ، ١ / ١٧٥ وهمع الهوامع ، ١ / ٧٧ ـ ٢ / ١٠ وشرح الأشموني ، ٣ / ٣٠٥.
(٣) من الآية ٨١ من سورة طه.
(٤) الكتاب ، ٣ / ٣٠ ـ ٤٠ وشرح المفصل ، ٧ / ٢٧.
(٥) من الآية ٥٣ من سورة الأعراف.
(٦) من الآية ٧٣ من سورة النساء.
(٧) في الأصل ليتني.