لأنه لمّا وجب الابتداء بالمتحرك اختير الوقف بالسكون ليخالف الانتهاء الابتداء ، وإن اجتمع ساكنان فإنه يجوز في الوقف الجمع بين ساكنين لأنّ الوقف يوفّر على الحرف الموقوف عليه الصوت فيجري ذلك له مجرى تحريكه كما جرى المدّ مجرى الحركة ، وليس كذلك الوصل ألا ترى أنّك إذا قلت : بكر في حال الوقف وجدت في الراء من التكرير وزيادة الصوت ما لا تجده في حال الوصل (١).
ومنها : الإشمام وهو ضمّ الشفتين بعد الإسكان على صورتهما إذا لفظت بالضمّة ، فذلك (٢) هو الدلالة على الأشمام ، والغرض الفرق بين ما هو متحرك في الوصل ـ وإنّما سكّن في الوقف ـ وبين ما هو ساكن في كلّ حال ، ويختصّ الإشمام بالمرفوع والمضموم (٣) لأنّه هو الذي يمكن فيه أن يجعل العضو على صورة الضمّة ، دون المنصوب والمجرور.
ومنها : الرّوم وهو أن تروم التحريك (٤) والغرض به هو الغرض بالإشمام إلّا أنه أتمّ في البيان ، والقرّاء لا يرومون حركة المنصوب لخفّة النطق بها ، ولا المنصوب المنوّن للوقوف عليه بالألف ولكن يرومون ما سواهما (٥) وإذا رمت الحركة فهي موجودة فلم تحتج (٦) إلى دليل عليها.
ومنها : التضعيف ، وهو تشديد الحرف الذي تقف عليه نحو : يا فرجّ بتشديد الجيم والغرض به الإعلام بأنّ هذا الحرف متحرك في الوصل ، ويختصّ التضعيف بكلّ كلمة آخرها حرف صحيح قبله متحرك ، فإن كان قبله ساكن لم يصحّ التضعيف ، لاستلزامه الجمع بين ثلاثة سواكن ، وكذا إن كان آخره همزة لم يضعّف وكذا حرف العلّة لا يضعّف لثقلهما (٧) وكذا المنصوب المنوّن لا يضعّف للوقوف عليه بالألف ،
__________________
(١) شرح المفصل ، ٩ / ٧١ والنقل منه.
(٢) غير واضحة في الأصل.
(٣) الإتحاف ، ١٠١ وانظر شرح الجاربردي ، ١ / ١٧٠.
(٤) في شرح المفصل ، ٩ / ٦٧ وأما الروم فصوت ضعيف كأنك تروم الحركة ولا تتمها وتختلسها اختلاسا وذلك مما يدركه الأعمى والبصير ، لأن فيه صوتا يكاد الحرف يكون متحركا.
(٥) الإتحاف ، ١٠٠ ـ ١٠١ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٤١.
(٦) في الأصل يحتج.
(٧) شرح المفصل ، ٩ / ٦٧ وشرح الشافية للجاربردي ، ٢ / ١٨٢ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٤٢.