والأمر والاستفهام فمثالهما في الخبر / جاءني زيد أو عمرو ومنه قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ)(١). على أحد التأويلين ، والتأويل الثاني : مذهب الكوفيين ، أنّها بمعنى الواو (٢) ، وجاءني إمّا زيد وإمّا عمرو ، ومثالهما في الأمر : اضرب رأسه أو ظهره ، واضرب إمّا رأسه وإمّا ظهره ، ومثالهما في الاستفهام : ألقيت عبد الله أو أخاه! وألقيت إمّا عبد الله وإمّا أخاه ، والمشهور في أو وإمّا ، أنهما في الخبر للشك وفي الأمر للتخيير والإباحة فمثال الشكّ ما تقدّم من قولك جاءني زيد أو عمرو ، ومثال التخيير خذ هذا أو ذلك ، ومثال الإباحة : جالس الحسن (٣) أو ابن سيرين (٤) وقد تأتي أو في الخبر لغير الشك ، كقولهم : كنت بالبصرة آكل السمك أو التمر أي هذا مرّة وهذا مرّة ، ولم يرد به الشك وقد تكون أو بمعنى الواو (٥) كقول الشّاعر (٦) :
فقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما |
|
صدور رماح أشرعت أو سلاسل |
__________________
(١) من الآية ١٤٧ من سورة الصافات.
(٢) قال الأنباري في البيان ، ٢ / ٣٠٨ أو ، فيها أربعة أقوال :
١ ـ أن تكون للتخيير والمعنى أنهم إذا رآهم الرائي تخير في أن يعدهم مائة ألف أو يزيدون.
٢ ـ أن تكون للشك يعني أن الرائي إذا رآهم شك في عدتهم لكثرتهم.
٣ ـ أن تكون بمعنى بل.
٤ ـ أن تكون بمعنى الواو ، والوجهان الأولان مذهب البصريين ، والوجهان الآخران مذهب الكوفيين» وانظر الأمالي الشجرية ، ٢ / ٣١٨ والمغني ، ١ / ٦٤ ـ ٦٥ ورصف المباني ١٣٢ والهمع ، ٢ / ١٣٤ وشرح الأشموني ، ٣ / ١٠٧.
(٣) هو الحسن بن يسار البصري تابعي كبير كان إمام أهل البصرة قرأ على حطّان بن عبد الله الرقاشي وروى عنه أبو عمرو بن العلاء وعاصم الجحدري توفي سنة ١١٠ ه انظر ترجمته في غاية النهاية ، ١ / ٢٣٥ وحلية الأولياء ، للأصبهاني ، ٢ / ١٣١ وطبقات الحفاظ ، للسيوطي ، ٢٨ والأعلام ، ٢ / ٢٤٢.
(٤) هو محمد بن سيرين البصري الأنصاري ، مولى أنس بن مالك كان إمام زمانه في علوم الدين بالبصرة تفقّه وروى الحديث واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا توفي سنة ١١٠ ه. انظر ترجمته في حلية الأولياء ، ٢ / ٢٦٣ وتاريخ اليعقوبي ، ٣ / ٥١ وطبقات الحفاظ ، ٣١ والأعلام ، ٧ / ٢٥.
(٥) قال ابن مالك في التسهيل ، ١٧٦ وتعاقب الواو في الإباحة كثيرا. وانظر همع الهوامع ، ٢ / ١٣٤.
(٦) البيت لجعفر بن علبة الحارثي ، ورد منسوبا له في شرح ديوان الحماسة ، للمرزوقي ، ١ / ٤٥ وشرح شواهد المغني ، ١ / ٢٠٣ وورد من غير نسبة في المغني ، ١ / ٦٥ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٣٤ وشرح الأشموني على الألفية ، ٣ / ١٠٧.