الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا)(١) فالموت بعد الحياة مع أنه قدّمه عليها.
والفاء للجمع مع الترتيب أي أن الثاني بعد الأول بغير مهلة ، والأخفش يجوز وقوع الفاء زائدة (٢) خلافا لسيبويه (٣) وينشد (٤) :
لا تجزعي إن منفسا أهلكته |
|
فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي |
فزيدت الفاء على عند ، لأنّ التقدير : فاجزعي عند ذلك ، وثمّ مثل الفاء إلّا أن بينهما مهلة وتراخيا (٥) وقد تجيء بمعنى الواو نحو : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ)(٦) وقيل زائدة (٧).
وأما حتى (٨) فللترتيب بمهلة لكنّ الواجب فيها أن يكون المعطوف بها جزءا من المعطوف عليه ، إمّا جزؤه الأفضل أو جزؤه الأضعف (٩) ، نحو : مات الناس حتى الأنبياء ، وقدم الحاجّ حتى المشاة وثلاثة وهي : أو وإمّا وأم لإثبات الحكم إمّا للمعطوف أو للمعطوف عليه ، مبهما أي لا على التعيين لكن أو وإما يقعان في الخبر
__________________
(١) من الآية ٢٤ من سورة الجاثية ، وذلك إخبار عن منكري البعث.
(٢) قال ابن هشام في المغني ، ١ / ١٦٥ ـ ١٦٦ وأجاز الأخفش زيادتها في الخبر مطلقا وحكى أخوك فوجد ، وقيّد الفراء والأعلم وجماعة الجواز يكون الخبر أمرا أو نهيا قال ابن برهان : تزاد الفاء عند أصحابنا جميعا كقوله. (البيت).
(٣) قال في الكتاب ١ / ١٣٨ ، ألا ترى أنك لو قلت : زيد فمنطلق لم يستقم.
(٤) تقدم الكلام على هذا الشاهد في ١ / ١٤٩.
(٥) بعدها في الأصل مشطوب عليه «وتجيء للتمكين في نفس المخاطب نحو : ثم كلا» وقوله : ثم كلا ، إشارة إلى الآيتين «كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون» ٤ ـ ٥ من سورة النبأ ففي الكشاف ، ٤ / ٦٨٤ ومعنى «ثم» الإشعار بأن الوعيد الثاني أبلغ من الأول وأشد».
(٦) من الآية ١١٨ من سورة التوبة ونصها : وعلى الثلاثة الذين خلّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ... ثم تاب.
(٧) قال بذلك الأخفش والكوفيون وجعلوا تاب عليهم هو الجواب وثمّ زائدة ، وخرّجت الآية على تقدير الجواب أى فرج الله عنهم أو لجأوا إلى الله ثمّ تاب. إلخ فثمّ عاطفة على هذا المحذوف. وقيل : إذا بعد حتّى قد تجرّد عن الشرط وتبقى لمجرد الوقت فلا تحتاج إلى جواب بل تكون غاية بالفعل أي خلّفوا إلى هذا الوقت ثم تاب عليهم. انظر شرح المفصل ، ٨ / ٩٦ ومغنى اللبيب ، ١ / ١١٧ وهمع الهوامع ، ٢ / ١٣٢ وحاشية الصبان ، ٣ / ٩٥ ـ ٩٦.
(٨) الكافية ، ٤٢٥.
(٩) بعدها في شرح الوافية ٣٩٩ لأنها للغاية ، وانظر الإيضاح ، ٢ / ٢٠٧.