اختلاف معنييهما ومما يدل على أنه كان هناك فرق بين مفهومي التنقيط وبين العربية والنحو في أذهان الرواة والمؤرخين ، وأين حجر ينقل رواية تؤكد مثل هذا الفصل بين مفهومي التنقيط والنحو ، فقد نقل : «إن زيادا أمر أبا الأسود أن ينقط المصاحف فنقطها ، ورسم من النحو رسوما» (١١٥) وهناك روايات وآراء أخرى تؤكد وتصرح بهذا المعنى ، ويقول أبو العباس المبرد : «أول من وضع العربية ونقط المصاحف أبو الأسود الدؤلي» (١١٦).
بالإضافة إلى أن المفهوم من كلمة النحو أو العربية غير المفهوم من كلمة التنقيط كما هو ظاهر ، فكيف يكون المعنى في كليهما واحدا؟!
ويذكر السيد محسن الأمين : «وإعراب القرآن لا دخل له بوضع علم النحو ، الذي كان في زمن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ وبأمره لا بأمر زياد ، ويجوز أن يكون أبو الأسود أظهر كتابه يومئذ ، وكان ألفه قبل ذلك ، أو رتب يومئذ ما كان تلقنه من أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ وأضافه هو إليه فجعله كتابا» (١١٧).
وأخيرا .. فالملاحظ أن هناك علاقة وثيقة بين النحو وإعراب القرآن ، فالمتمكن من إعراب القرآن الكريم والذي يقوم بمهمة تحريك المصحف الشريف يدل على أن له علما ومعرفة بالنحو وتركيزا في التفكير ، ولكن على كل حال فإن العمل بوضع النحو غير العمل بتحريك القرآن وتنقيطه كما يؤكد ذلك المؤرخون.
الخلاصة :
من خلال ما ذكرناه نستطيع التوصل للنتيجة التالية : إن الإمام ـ عليهالسلام ـ شعر بضرورة وضع القواعد التي تحفظ اللسان من الخطأ ، وخاصة في قراءة القرآن الكريم بعد أن وجد اللحن شائعا على الألسنة ، وبما أنه خليفة
__________________
(١١٥) الإصابة ـ لابن حجر ـ ٢ / ٢٤١.
(١١٦) الأغاني.
(١١٧) أعيان الشيعة ١ / ١٦٢.