أمرا خطيرا كهذا يمضي على كر الزمان ، ويخلد في بطون الأسفار ، وهم أحر الناس على الغض من شأن العلويين وشيعتهم ، ولا سيما في مثل هذا الشأن ذي البال والأثر الخالد» (١٠١) ومراده من الأمر هو نسبة وضع النحو للإمام ـ عليهالسلام ـ ولأبي الأسود.
٣ ـ إن الشيعة يدعون أن أكثر العلوم منسوبة لأئمة أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ وأتباعهم ، والحقائق التاريخية تثبت ذلك ولا يدعون ذلك جزافا بدون أدلة مقنعة وقوية ، إذ تدل الروايات الصحيحة والحقائق التاريخية التي يذعن بها حتى خصومهم على نسبة أكثر العلوم إليهم (١٠٢) فلا يوجد هناك مبرر لاستثناء النحو منها ، وهناك عوامل كثيرة أدت إلى نشأة أكثر العلوم على أيدي الشيعة ليس هنا مجال ذكرها ، ومنها أن الشيعة تفرغوا أكثر للأعمال الفكرية والثقافية وبذل جهودهم في مثل هذه المجالات.
٤ ـ وبالإضافة لذلك كله ، ما ذكرناه في موضوع «الاختلاف في الوضع» من كثرة الروايات والآراء ، ومن دلالة «نهج البلاغة» وغيرها على ذلك ، فمن الروايات ما ذكره الحافظ ابن كثير في ذيل تفسيره «فضائل القرآن» ص ١٥ ـ طبع في ذيل المجلد الرابع ـ : «قد توجد مصاحف على الوضع العثماني يقال إنها بخط علي ـ رضياللهعنه ـ وفي ذلك نظر ، قال في بعضها (كتبه علي بن أبي طالب) وهذا لحن من الكلام ، وعلي ـ رضياللهعنه ـ من أبعد الناس عن ذلك فإنه كما هو المشهور عنه هو أول من وضع علم النحو ـ فيما رواه عنه أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي ـ وأنه قسم الكلام إلى : اسم وفعل وحرف ، وذكر أشياء أخر تممها أبو الأسود بعده ، ثم أخذ الناس عن أبي الأسود فوسعوه فصار علما مستقلا» وهو يؤكد ما ذكرناه من الجمع بين الروايات المختلفة في هذا المجال ، وعن بدائية النحو الذي وضع.
__________________
(١٠١) نشأة النحو : ٢٣.
(١٠٢) لاحظ كتاب «تأسيس الشيعة لفنون الإسلام» ففيه الكثير من الأدلة على هذه الحقيقة.