قال لبيد (٥٦) :
ومقام ضيق فرجته |
|
ببياني ولساني وجدل |
لو يقوم الفيل أو فياله |
|
زل عن مثل مقامي وزحل (٥٧) |
ورأيتهم يسؤون بين الجبناء واللكن ، ولا يفصلون بين العي والجبن ، ويستنكفون من الخطأ واللحن.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ، واسترضعت في سعد بن بكر ، فأنى يأتيني اللحن» (٥٨).
ويتحرون أن ينطقوا بالكليم الفصاح ، وأن يمضوا فيها على الأساليب الصحاح ، باحثين عن مفرق الصواب ، ومصيبين منحر الإعراب ، متيقضين لما يستفصح ، متنبهين على ما يستملح ، يسمعون الكلمة العيناء فيشرئبون لها ، واللفظة العوراء فيشمئزون منها.
قال بعض أمراء العرب لأعرابي رأى معه ناقة فأعجب بها : هل أنزيت عليها؟ قال : نعم أضربتها أيها الأمير! قال : أضربتها ، قد أحسنت حين أضربتها ، يعم ما صنعت إذ أضربتها ، فجعل يرددها.
قال الراوي : فعلمت أنه إنما يريد أن يثقف بها لسانه.
__________________
(٥٦) لبيد بن ربيعة بن مالك ، أبو عقيل العامري ، أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية من أهل عالية نجد ، أدرك الإسلام ، ووفد على النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، ويعد من الصحابة ومن المؤلفة قلوبهم ، وترك الشعر ، فلم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا ، قيل هو :
ما عاتب المرء الكريم كنفيه |
|
والمرء يصلحه الجليس الصالح |
وسكن الكوفة ، وعاش عمرا طويلا ، وهو أحد أصحاب المعلقات ، ومطلع معلقته :
عفت الديار محلها فمقامها |
|
بمنى تأبد غولها فرجامها |
توفي سنة ٤١ للهجرة. «الأعلام ٥ : ٢٤٠».
(٥٧) زحل الشئ عن مقامه : أي زل عن مكانه «لسان العرب ـ زحل ـ ١١ : ٣٠٢» وفيه البيت الثاني عن البيد.
(٥٨) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال ١١ : ٤٠٤ / ٣١٨٨٤ باختلاف يسير.