هو الكتاب ، يطلق تضله الألباب ، وهو الديوان الأقدم ، والميزان الأقوم ، والقانون الذي هو لكل محتذ مثال ، والمعقل الذي لكل منضو تمثال ، وكأنه الرأس الذي هو رئيس الأعضاء ، والراز (٤٠) الذي بيده مطمر (٤١) البناء ، والإمام الذي إن نزلت بك شبهة أنزلتها به ، وإن وقعت بك معضلة أوردتها على بابه ، والحكمة التي قيدت بها الفلاسفة فهي حاجلة (٤٢) فراسفه (٤٣).
حشا غامضات سيبويه كتابه |
|
وأحر بأن تعتاص تلك وتشتدا |
إذا وقع الأحبار فيها تحيروا |
|
فلم يجدوا من مرجع القهقري بدا |
آخران :
ألا صلى المليك صلاة صدق |
|
على عمرو بن عثمان بن قنبر |
فإن كتابه لم يغن عنه |
|
بنو قلم ولا أبناء منبر |
ثم لا تسأل عن تناسق هذه اللغة وتتاليها ، وعن تجاذب أطرافها وتجاليها ، وما ينادي عليه طرق اشتقاقها من حسن تلاؤمها واتفاقها ، يصادف المشتق الصيغ متناصره ، آخذا بعضها بيد بعض متخاصره ، ووراء ذلك من الغرائب ما لا ينزف وإن نزف البحر ، ومن الدقائق ما لا يدق معه الكهانة والسحر ، ولا يعرف ذلك إلا من فقه فيها وطب (٤٤) ، وزاولها مذ شب إلى أن دب ، وضرب آباطها (٤٥) ، حتى بلغ نياطها (٤٦).
__________________
١٢ : ١٩٥ / ٦٦٥٨ ، الأعلام ٥ : ٨١».
(٤٠) الراز : رأس البنائين «النهاية ـ روز ـ ٢ : ٢٧٦».
(٤١) المطمر : الزيج الذي يكون مع البنائين «الصحاح ـ طمر ـ ٢ : ٧٢٦».
(٤٢) الحجل والحجل : القيد ، يفتح ويكسر ، والحجل : مشي المقيد ، وحجل يحجل حجلا إذا مشى في القيد «لسان العرب ـ حجل ـ ١١ : ١٤٤».
(٤٣) الرسف : مشي المقيد ، ورسف في القيد : مشى مشي المقيد ، وقيل : هو المشي في القيد رويدا ، فهو راسف «لسان العرب ـ رسف ـ ٩ : ١١٨».
(٤٤) رجل طب بالفتح ، أي عالم «الصحاح ـ طبب ـ ١ : ١٧١».
(٤٥) من المجاز قولهم : نزل بإبط الرمل ، وهو مسقطه ، وبإبط الجبل ، وهو سفحه ، وضرب آباط المفازة ، وتقول : ضرب آباط الأمور ومغابنها واستشف ضمائرها وبواطنها «أساس البلاغة ـ أبط ـ ١».
(٤٦) النوط : عرق غليظ علق به القلب من الوتين ، قال أبو طالب في رسول الله صلىاللهعليهوآله :
بني أخي ونوط القلب مني |
|
وأبيض ماؤه غدق كثير |
ومن المجاز : مفازة بعيدة النياط أي الحد والمتعلق ، ولا يخفى ما في المتن من تعبير مجازي ، أنظر «أساس البلاغة ـ نوط ـ ٤٧٦».