دعي زيديا! وإلا لكان الخوارج زيدية! وهذا شعر الرضي وروايات العلماء عنه تأبى ذلك ، وكل تابع لأهل البيت البررة الأتقياء موفق ، إن شاء الله تعالى ، وتابع جعفر الصادق وزيد بن علي لم يتبع إلا البر التقي المجمع على فضله) (٢٦).
٣ ـ وأما ما ذكره الدكتور الحلو أخيرا : (وظني الغالب أن هذه القصيدة مصنوعة ومنسوبة إلى الشريف الرضي ، أراد صاحبها لها الذيوع والانتشار في محافل عاشوراء ، فاجتهد ما وسعه الاجتهاد في أن يضع عليها ميسم الرضي ، وخانه التوفيق في بناء بعض أبياتها ، كما فضحه حشو القصيدة بعقائد لم يمرن عليها الرضي شعره ولم ينضح بها قريضه) (٢٧).
وأقول :
إن الشريف قد جعل من شعره وسيلة للتعريف بنفسه ، خاصة فيما يريد له الإذاعة والظهور ، ولأجل هذا لا نجد في شعره ما نجده في شعر كثير من شعراء الشيعة الذين وقفوا شعرهم لبيان عواطفهم وأحاسيسهم المذهبية ـ أو جعلوا ذلك أحد أهدافهم الرئيسة ، ولم يكتفوا بالإفصاح عن ذاتياتهم الخاصة ـ فلا نجد في شعره مديحا خالصا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا لأبيه أمير المؤمنين ، وأمه الصديقة الطاهرة ، عليهماالسلام ، وهو في هذا يختلف عن العوني ، وابن حماد ، والناشئ ، وقبلهم الكميت ، ودعبل ، وأضرابهم ، فنجد شعرهم شيعيا بل ويختلف عن أخيه الشريف المرتضى أيضا ، فهؤلاء شيعة ، والتزموا أن يكشف شعرهم عن عقيدتهم ، وأن يكون معبرا عن تشيعهم ، في حين أن الشريف كان شاعرا شيعيا ، كأبي تمام ، وابن الرومي ، وأمثالهما.
ولم يشتهر الشريف بالأدب المذهبي ، وخاصة في أدب الرثاء الحسيني ، الشهرة التي تجعل المغمورين يحاولون أن يلصقوا آثارهم به فينحلون شعر غيره إياه ، كي يرتضيه السامعون إذا تلي عليهم منسوبا إلى الرضي فيروج عندهم! والنائحون
__________________
(٢٦) نسمة السحر في ذكر من تشيع وشعر ، ترجمة الشريف الرضي ، مخطوط ـ المصورة التي أملكها ، ج ٢ ، الورقة (٤٦١ / ب ـ ٤٦٢ / أ).
(٢٧) التصدير / ٧٢.