كتابتهم الجغرافية ، ولكنهم زادوا على ما كتبه بطلميوس أشياء كثيرة إلا
فيما يختص بأعالى النيل ؛ فكانت كتاباتهم فى ذلك قليلة.
ومن الملاحظ
أيضا أن الزيادات التى أضافها العرب على ما ذكره بطلميوس عن النيل لم تكن صحيحة ،
بل كانت تشوبها الخرافات والأساطير فى أحيان كثيرة. وقد اتضحت هذه الصورة فى
كتابات الجغرافيين والمؤرخين فى العصر المملوكى (٦٤٨ ـ ٩٢٣ ه / ١٢٥٠ ـ ١٥١٧ م) ،
الذين نقلوا ما أورده القدماء من العرب وغيرهم عن نهر النيل ، ولم تزد معلوماتهم
كثيرا عما أخذوه من القدماء.
وخير مثال لذلك
اتفاقهم جميعا على أن نهر النيل ينبع من جبال القمر خلف خط الاستواء من عشرة عيون
فى الأرض ـ والبعض ذكر أنها اثنتى عشرة عينا ـ تجتمع فى عشرة روافد ، تجتمع كل
خمسة منها لتصب فى بحيرة ، ثم تجتمع هذه المياه مرة أخرى فى بحيرة واحدة حيث يخرج
نهر النيل .
كما زعم بعضهم
أن نهر السند من نيل مصر ، ودليله على ذلك الزعم وجود التماسيح فيه . ويبدو أن ذلك هو السبب فى نسبة نهر النيل إلى أنهار
الجنة ، حيث كانت النظرية السائدة فى ذلك الوقت تقول : «أن سائر مياه الأرض
وأنهارها تخرج من تحت الصخرة بالأرض المقدسة» . وفى قول آخر «إن أنهار الجنة مكانها فى أقصى الشرق
وعلى الناحية الأخرى من بحر الظلمات» .
كذلك من
الأساطير العربية التى نسجت عن نهر النيل أنه كان يتبدد على وجه الأرض ، فلما قدم
نقراوش الجبار بن مصرايم الأول بن مركابيل بن دوابيل بن عرباب بن آدم عليه السلام
إلى أرض مصر ومعه عدة من بنى عرباب واستوطنوها ، وبنوا بها مدينة
__________________