به في الاستبعاد عن ذلك من أنّه كيف يمكن المساواة والنبيّ صلىاللهعليهوآله نبيّ مرسل خاتم الأنبياء أفضل اولي العزم؟ ففيه أنّ هذا كناية عن غاية الاختصاص والقرب والمحبة ، لأنّه إذا كملت المحبّة بين اثنين يقال : انّهما متّحدان معنى وإن افترقا صورة ، وغاية ما يلزم من ذلك ، المساواة في الدّرجة ، لا في النّبوّة ، ومن البيّن أنّه لو لم يكن لعلي عليهالسلام مداناة ومقاربة على الحدّ المذكور ، لما أجرى الله تعالى عليه أنّه نفس الرّسول ، ولما كان عليّ عليهالسلام وولداه الصغيران عليهمالسلام أولى من أخيه جعفر وعقيل مثلا لتساويهم في القرابة ، فاندفع بهذا أيضا ما ذكره النّاصب : من أن عادة أرباب المباهلة أن يجمعوا أهل بيتهم وقراباتهم اه والحاصل أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله لمّا كان عارفا بجلال الله سبحانه خائفا منه غاية الخوف استعان في المباهلة التي هي الدّعاء من الجانبين بهلاك الآخر وبالبعد عن رحمة الله تعالى بجماعة تيقّن بهم فضيلة ومنزلة عند الله تعالى لدعائهم في المباهلة ، فانّ كثرة الأفاضل أدخل في الاستجابة كما علم من سنّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا ، فترك دعوة من يساويهم في الفضل عند الله تعالى من النبيّ صلىاللهعليهوآله إخلال بشدّة الاهتمام في أمر الدين ، والنّبيّ صلىاللهعليهوآله منزّه عنه ، وممّا يدلّ على استعانته بهم في المباهلة قوله : ثم نبتهل ، بصيغة الجمع وما ذكره (١) القاضي البيضاوي (٢) في تفسيره وغيره في غيره من أن رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
أبو عبد الله عليهالسلام : ان الله تبارك وتعالى قال لموسى عليهالسلام : (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً) ولم يقل كل شيء ؛ وقال لعيسى عليهالسلام : (لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) ؛ ولم يقل كل شيء ، وقال لصاحبكم أمير المؤمنين على عليهالسلام : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) وقال الله عزوجل : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وعلم هذا الكتاب عنده.
(١) ذكره في (ج ٢ ص ٢٢ ط مصر) وكذا ابن حجر في الصواعق (الطبع الجديد بمصر ص ١٥٣)
(٢) قد مرت ترجمته (ج ١)