عبد ربّه في كتاب العقد (١) ، ذكروا ما في معناه ، ومعلوم أنّ خصائصه الباهرة (٢) ومعجزاته القاهرة وآياته النّاطقة مثل قلع الباب وقلع الصخرة (٣) وإخباره بالمغيبات (٤) على ما سيجيء قد بلغت شرف الكمال ، حتّى التبس أمره على كثير من العقلاء ، واعتقدوا أنّه فاطر الأرض والسّماء وخالق الأموات والأحياء كما بلغ الأمر في عيسى عليهالسلام هل هو معبود أو عبد؟ ولعل الله سبحانه تعالى لمّا سبق في علمه ما يجري عليه حال عليّ عليهالسلام من كثرة الباغضين والمعاندين ، وما يبلغون إليه من مساواته لمن لا يجرى مجراه ، كساه الله من حلل الأنوار وجليل المنار ما يبلغ به إلى غاية يقوم بها الحجّة البالغة لله سبحانه على الخلائق ، ولا يبقى لهم عذر يعتذرون به في ولاية وليّه عليه الصّلاة والسّلام ، وقد جعل النّاس في كلامه عليهالسلام ثلاث مراتب قوم أفرطوا في حبّه فهلكوا وهم النصيرّية (٥) لأنّهم يعتقدون أنّه إله يحيي ويميت
__________________
(١) هو كتاب عقد الفريد المطبوع المشهور وقد ذكر في (ج ٢ ص ١٩٤ ط مصر ١٣١٦ ه) أن الشعبي قال : كان على بن أبي طالب في هذه الامة مثل المسيح بن مريم في بنى إسرائيل أحبه قوم فكفروا في حبه ، وأبغضه قوم فكفروا في بغضه.
(٢) وذلك كايثاره عليهالسلام كل ما ملك من حطام الدنيا وتمثله بالشعر المعروف
هذا جناي وخياره فيه |
|
وكل جان يده في فيه |
وخصائصه الأخر من الشجاعة والفتوة والزهد والورع والعلم وغيرها مما سنذكرها في باب الفضائل.
(٣) وكحديث البساط وحديث السطل والماء والمنديل وغير ذلك من معجزاته الباهرة التي ستجيء في باب فضائله عليهالسلام.
(٤) وذلك كاخباره عليهالسلام شهادته بيد أشقى الأشقياء في رمضان المبارك وغيره من اخباره بالمغيبات التي ستجيء في موضعها.
(٥) النصيرية ويقال لها النميرية ، أحدثها محمد بن نصير النميري وهو من أتباع الشريعي