لكان غير مناسب لما قبلها وهو قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ، فانّ الأولياء هاهنا بمعنى الأنصار لا بمعنى الأحقّين بالتصرف ، وغير مناسب لما بعدها وهو قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) ، فانّ التولي هاهنا بمعنى المحبّة
__________________
ابن أبي طالب ، وبيانه من وجوه : الاول : أن كل من اثبت بهذه الآية امامة شخص قال ان ذلك الشخص هو على ، وقد ثبت بما قدمنا دلالة هذه الآية على امامة شخص ، فوجب أن يكون ذلك الشخص هو على ضرورة انه لا قائل بالفرق. الثاني تظاهرت الروايات على أن هذه الآية نزلت في حق على ، ولا يمكن المصير الى قول من يقول : انها نزلت في ابى بكر رضى الله عنه ، لأنها لو نزلت في حقه لدلت على إمامته ، وأجمعت الامة على أن هذه الآية لا تدل على إمامته فبطل هذا القول. والثالث : أن قوله(وَهُمْ راكِعُونَ) لا يجوز جعله عطفا على ما تقدم لان الصلاة قد تقدمت ، والصلاة مشتملة على الركوع فكانت اعادة ذكر الركوع تكرارا فوجب جعله حالا أى يؤتون الزكاة حال كونهم راكعين ، وأجمعوا على أن إيتاء الزكاة حال الركوع لم يكن الا في حق على ، فكانت الآية مخصوصة به ودالة على إمامته من الوجه الذي قررناه ، وهذا حاصل استدلال القوم بهذه الآية على امامة على عليهالسلام ثم قال : والجواب : اما حمل لفظ الولي على الناصر والمتصرف معا فغير جائز ، لما ثبت في اصول الفقه أنه لا يجوز حمل اللفظ المشترك على مفهوميه معا (انتهى كلامه) قلنا : ان كون على عليهالسلام متصفا بوصف الناصر لا يقتضى كون وصف الناصر مرادا من كلمة الولي في هذه الآية توضيحه أن اللفظ قد يكون له معنيان ويكون كلاهما صادقين على فرد واحد ولكن القائل يطلق عليه اللفظ ولا يريد منه الا احد معنييه وبالجملة لا ملازمة بين تحقق معنى وبين إرادة ذلك المعنى من اللفظ ، كيف؟ والا لاستحال اطلاق كلمة لها معنيان في حق احد تحقق فيه كلا المعنيين لاستحالة ان يراد منه معنيان في اطلاق واحد كما قال الفخر.