__________________
بمفاتيح الغيب (ج ١٢ ص ٢٦ ط القاهرة سنة ١٣٥٧) وحيث قد أجرى الله سبحانه وتعالى الحق على قلمه وأنطقه بقدرته وافصح ذاهلا عن عصبيته كان الأنسب لنا ان نورد كلامه بعين ألفاظه ليعتبر من أنصف وحكم وجدانه السليم فنقول : قال : نقلا عن جماعة ان هذه الآية دالة على أن الامام بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو على بن أبي طالب وتقريره أن نقول : ان الآية دالة على أن المراد بهذه الآية امام ومتى كان الأمر كذلك وجب أن يكون ذلك الامام هو على بن أبي طالب.
بيان المقام الاول أن الولي في اللغة قد جاء بمعنى الناصر والمحب كما في قوله (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) وجاء بمعنى المتصرف ، قال عليه الصلاة والسّلام : «أيما امرأة نكحت بغير اذن وليها»
فنقول : هاهنا وجهان : الاول : أن لفظ الولي جاء بهذين المعنيين ولم يعين الله مراده ، ولا منافاة بين المعنيين ، فوجب حمله عليهما ، فوجب دلالة الآية على أن المؤمنين المذكورين في الآية متصرفون في الامة.
الثاني : أن نقول : الولي في هذه الآية لا يجوز أن يكون بمعنى الناصر فوجب ان يكون بمعنى المتصرف وانما قلنا انه لا يجوز أن يكون بمعنى الناصر لان الولاية المذكورة في هذه الآية غير عامة في كل المؤمنين ، بدليل انه تعالى ذكر بكلمة «انما» وكلمة «انما» للحصر ، كقوله (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) والولاية بمعنى النصرة عامة لقوله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) وهذا يوجب القطع بأن الولاية المذكورة في هذه الآية ليست بمعنى النصرة ، وإذا لم تكن بمعنى النصرة كانت بمعنى التصرف ، لأنه ليس للولي معنى سوى هذين فصار تقدير الآية : انما المتصرف فيكم أيها المؤمنون هو الله ورسوله والمؤمنون الموصوفون بالصفة الفلانية ، وهذا يقتضى أن المؤمنين الموصوفين بالصفات المذكورة في هذه الآية متصرفون في جميع الامة ، ولا معنى للإمام الا الإنسان الذي يكون متصرفا في كل الامة فثبت بما ذكرنا دلالة هذه الآية على أن الشخص المذكور فيها يجب أن يكون امام الامة.
أما بيان المقام الثاني وهو انه لما ثبت ما ذكرنا وجب أن يكون ذلك الإنسان هو على