أقول
قد علم أيضا أنّ معنى الكسب كما ذكره شيخ النّاصب لا محصّل له ، وأما الأقوال الباقية فهي مذكورة في كتاب الطوالع للبيضاوي (١) وشرح المقاصد للتفتازاني (٢) وغيرهما من كتب أهل السنّة فليطالع ثمة ، وسيعترف الناصب بأنّ القول الثاني من هذه الأقوال مذهب القاضي أبي بكر الباقلاني (٣) من الأشاعرة ، فعلم أنّ إنكاره لذلك عناد ، وأما ما ذكره من أنّ الإرادة من جملة الصفات دون الأفعال فسقوطه ظاهر ، لأنّ ما هو من جملة الصفات هو المريد ، وإطلاق الصفة على الإرادة مسامحة من باب إطلاق المصدر وإرادة المشتق ، وكذا الكلام في الكلام بل العلم والقدرة والحياة أيضا ، فإنّ من طالع صرف الزّنجاني (٤) ونحوه يعلم أنّ الإرادة بمعنى «خواستن» وكذا العلم بمعنى «دانستن» من الأفعال والمصادر فضلا عمّن يدّعي صرف عمره في متداولات العلوم والنّوادر ، وأماما زعمه النّاصب
__________________
(١) هو كتاب طوالع الأنوار في علم الكلام للعلامة القاضي عبد الله بن عمر البيضاوي المتوفى بتبريز سنة ٦٨٥ صاحب التفسير الشهير ، وعلى الطوالع شروح أشهرها شرح الشيخ شمس الدين محمود الاصفهانى المتوفى سنة ٧٤٩.
(٢) المقاصد في الكلام للعلامة سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني المتوفى سنة ٧٩٢ وعليه شروح أشهرها شرح نفسه وهو المراد هنا.
(٣) هو القاضي أبو بكر محمد بن الطيب البصري البغدادي المتوفى ٤٠٣.
(٤) المراد به كتاب العزى المشتهر عندنا بالتصريف للشيخ عز الدين أبى الفضائل ابراهيم ابن عبد الوهاب بن عماد الدين بن ابراهيم الزنجاني المتوفى بعد ٦٥٥ بقليل كما في كشف الظنون (ج ٢ ص ١١٣٩ طبع الآستانة) وشرحه جماعة منهم المحقق التفتازاني وهذا الشرح والمتن موجودان في ضمن جامع المقدمات الذي هو محط التدريس في ابتداء العلوم الالية.