الشرك الذي توهّمه النّاصب السّفيه ، وأنه لا يتأتّى للأشاعرة بذلك رعاية احكام التكليف والترغيب والتخويف ، وأما ما ذكره من التحقيق فهو بالاعراض حقيق ، لأنّا نسلّم أنّ أصل القدرة والإرادة مخلوقتان في العبد ، لكنّ الفعل إنّما يتحقق بالارادة الجازمة الجامعة للشرائط وارتفاع الموانع كما سبق وهي اختياريّة ، بيان ذلك أنّه إذا حصل لنا العلم بنفع فعل يتعلّق به الإرادة بلا اختيارنا ، لكن تعلّق الإرادة به غير كاف في تحققه ما لم تصر جازمة بل لا بدّ من انتفاء كف النفس عنه حتى تصير الإرادة جازمة موجبة للفعل ، فانّا قد نريد شيئا ومع هذا نأبى ونكفّ نفسنا عنه لحياء وحميّة ، وذلك الكف أمر اختياريّ يستند وجوده على تقدير تحققه إلى وجود الدّاعي إليه ، فانّ عدم علّة الوجود علّة العدم ، وعدم الدّاعي إلى هذا الدّاعي (١) وهكذا ، وغاية ما يلزم منه التّسلسل في العدمات ولا استحالة فيه ، وبالجملة الإرادة الجازمة اختياريّة لاستناد عدم الكفّ المعتبر فيها بالاختيار وإن
__________________
على بن محمد بن حمويه الجويني المتوفى سنة ٥٣٠ ومنها حفيده الفاضل البحيرآبادي المتكلم صاحب التصانيف.
والنسفي هو الشيخ نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد المتوفى سنة ٥٣٧ صاحب كتاب العقائد المشهور لدى القوم وشرحه جماعة منهم المحقق التفتازاني وابن الهمام والعصام والسيالكوتى والخيالى والفنارى والقرمانى والقسطلاني وغيرهم وهو كتاب موجز مركز الافادة والاستفادة لديهم.
وللنسفى كتاب طلبة الطلبة في لغات فقه الحنفية يروى عنه السمعاني صاحب الأنساب ذكره القرشي في الجواهر المضية (ج ١ ص ٣٩٤ طبع حيدرآباد) وأبو الحسنات في الفوائد البهية (ص ١٤٩ طبع مصر) وغيرهما فراجع.
(١) والظاهر ان العبارة كانت هكذا : وعدم الداعي الى هذا أى الوجود هو الداعي اى الى العدم.