فعلم أنّ النّاصب لجهله بقواعد المنطق ، بل لخروجه عن ذوي النطق ومدركي المعقولات لم يفرّق بين فساد مادّة القياس وفساد صورته ، ولم يفهم أنّ لزوم النّتيجة المذكورة إنّما هو لتسليم النّاصب المقدّمة التي ذكرها في قياسه الفاسد وأنّ القياس وإن كان فاسد المقدّمات إذا سلّمت يلزم منها قول آخر ولم يعلم أنّ المصنّف لا يسلّم بعض المقدمات لا أنّه يسلّم المقدّمات ويمنع اللّزوم ، وأما ما ذكره من أنّ قول المصنّف : إن خالفوا مذهبهم من تعلّقها بالضّدين لزمهم إلخ شيء يخترعه من عند نفسه ، ثمّ يجعله محذورا ففيه أنّ كلام المصنّف هذا مع ما ذكره سابقا يرجع إلى إيراد ترديد على الدّليل المذكور ، ولا يلزم أن يكون كلا شقيّ التّرديد واقعيّا أو مطابقا لمذهب المستدلّ به ، بل يكفي فيه الغرض ، لأنّ الغرض من التّرديد حصر احتمالات الكلام والرّد على كلّ منها ، لئلا يرجع الخصم ، ويقول : إني أردت معنى لم تذكره أنت ولا يتوجّه عليه شيء ممّا ذكرت ، وكذا الكلام فيما ذكره من نفى الأشاعرة لذلك المذهب ، فانظروا معاشر العقلاء المؤمنين إلى هذا الفضول المهان الزّبّال (١) في أصبهان أنه لما اعتاد إصلاح فساد زرع شعيره بحمل الزّبل من المزابل واستعماله في اصول السّنابل حاول إصلاح ما زرعه شيخه في خبيث أرض تقريره بكلّ ما خرج من مزبلة فمه وبالوعة ضميره وقد قيل : شعر
وهل يصلح العطار ما أفسد الدّهر؟ |
|
فكيف بالزّبال الذي أنتن منه السرّ والجهر |
وبالجملة أىّ ربط لسرقة الحطب بأهل الحلّة؟ وأىّ نسبة للحطب بالفرات الخالي عن الآجام المضلّة والمظلة وإنّما يناسب ذلك بحمّالة الحطب (٢) التي هي من
__________________
(١) ذكر بعض المؤلفين في التراجم ان الرجل كانت له زراعة بأصبهان زمن قضاوته.
(٢) هي ام جميل بنت حرب اخت أبى سفيان عمة معاوية ولا يخفى أن العمة تسمى اما. منه «قده».