لأن الحمل مانع عن كون المراد بأسد الحيوان المفترس لامتناع حمل المباين على المباين فليس بتشبيه (ولا دليل لهم على أن أداة التشبيه ههنا محذوفة وان التقدير زيد كأسد) حتى يكون تشبيها كما توهمه المصنف.
(فأن قلت) كيف لا تسلم انه تشبيه وان ههنا أداة التشبيه محذوفة والحال انه (قد استدل صاحب المفتاح على ذلك بأنك اذا قلت زيد أسد اوقعت أسدا على زيد ومعلوم ان الأنسان لا يكون اسدا) لكونه مباينا له (وجب المصير الى التشبيه بحذف أداته قصدا الى المبالغة) وقد تقدم بيان المبالغة في اول بحث التشبيه نقلا عن المحققين.
(قلت لا نسلم وجوب المصير الى ذلك) أي الى كونه تشبيها بتقدير اداة التشبيه (وانما كان أسد مستعملا في معناه الحقيقي) لأمتناع الحمل حينئذ إلا بتقدير أداة التشبيه (واما إذا كان) اسد (مجازا عن الرجل الشجاع فصحة حمله على زيد ظاهرة) من دون ان يحتاج الى تقدير اداة التشبيه اذ لا يلزم حينئذ حمل المباين على المباين وذلك ظاهر.
(وتحقيق ذلك) وفاء بما وعده في أول بحث الأستعار حيث قال وسيجيء لهذا زيادة تحقيق وتفصيل في آخر باب التشبيه انشاء الله تعالى (أنا إذا قلنا في نحو رأيت اسدا يرمي ان أسدا استعارة فلا نعني انه استعارة عن زيد إذ لا ملازمة بينهما ولا دلالة له عليه) والاستعارة يجب فيه الملازمة لأنها مجاز وقد تقدم فيما سبق ان المجاز لا يكون بدون الملازمة في الجملة بحيث ينتقل من المعنى الحقيقي الى المعنى المجازي (وانما نعنى انه) أي أسدا (استعارة عن شخص موصوف بالشجاعة فقولنا زيد أسد اصله زيد رجل شجاع كالاسد فحذفنا المشبه) يعني رجل شجاع (واستعملنا المشبه به) يعني أسدا (في معناه) المجازي أي في رجل شجاع (فيكون استعارة) ومجازا.