بمعناه الحقيقي) أشار بهذا إلى ان وجود المشابهة في نفس الأمر بدون قصدها لا يكفي في كون اللفظ استعارة بل لا بد من قصد ان اطلاق اللفظ على المعنى المجازي بسبب التشبيه بمعناه الحقيقي لا بسبب علاقة أخرى غيرها مع تحققها (فاذا أطلق لفظ المشفر) بكسر الميم شفة البعير (على شفة الانسان فأن أريد تشبيهها بمشفر الأبل في الغلط فهو استعارة وان أريد انه) بعلاقة (اطلاق المقيد على المطلق كأطلاق المرسن) بفتح الميم وكسر السين وفتحها أيضا على الأنف) أي انف الأنسان والمرسن مكان الرسن من البعير أو الدابة مطلقا ومكان الرسن هو الأنف لأن الرسن عبارة عن حبل يجعل في انف البعير (فمجاز مرسل) أي فالمشفر مجاز مرسل كالمرسن (فاللفظ الواحد بالنسبة الى المعنى الواحد يجوز ان يكون استعارة وان يكون مجازا مرسلا بأعتبارين) كما بينا وسيأتي الكلام فيه أيضا عند تقسيم الأستعارة بأعتبار الجامع (قد تقيد بالتحقيقية) اعلم ان الاستعارة تنقسم الى ثلاثة اقسام الأول التحقيقية وهي على ما يذكره الآن ان يذكر المشبه به ويراد به المشبه ويكون المشبه أمرا تحقيقا اما حسا او عقلا والثاني التخييلية والثالث الأستعارة بالكناية وسيأتي بيان كل واحد منهما مفصلا ان شاء الله تعالى.
(وبهذا القيد) أي التحقيقية (تتميز عن التخييلية والمكنى عنها وإنما سمى تحقيقية لتحقق معناها أي ما عنى بها واستعملت هي فيه) أي معناه المجازي (حسا او عقلا بأن يكون ذلك المعنى) المجازي (أمرا معلوما يمكن ان ينص عليه ويشار اليه أشارة حسية) أي اشارة منسوبة الى حاسة البصر أو مطلق الحواس على الاختلاف في المشار إليه بأسم الاشارة (أو) يشار إليه اشارة (عقلية) وذلك بأن لا يدرك معناه المجازي بالحواس بل بالعقل بأن كان له تحقق وثبوت في نفسه بحيث لا يصح للعقل نفيه في نفس الأمر والحكم