من قرائن الأحوال) كما إذا كان المقام مقام ذم إنسان بالبخل فإن من لوازم استحضار بخله الحكم عليه بالكرم فاذا قلت انه كريم فهم المخاطب إذا كان فطنا إنه بخيل وكذلك إذا كان المقام مقام تعريض بإنسان يعرفه المخاطب فتقول أما أنا فلست بزان وتريد ان ذلك الانسان زان فيفهم المخاطب المتفطن من كلامك ذلك.
(و) لكن (الأظهر ان مراده) اي ابن الحاجب (باللزوم الذهني) الذي لا يشترطه في دلالة الألتزام (ان لا ينفك تعقل المدلول الألتزامي عن تعقل المسمى لأن معنى اللزوم عدم الانفكاك) وبعبارة أخرى مراده باللزوم الذهني الذي لا يشترطه إنما هو اللزوم البين بالمعنى الأخص لا مطلق اللزوم (وظاهر إنه لو اشترط مثل هذا اللزوم) أي اللزوم البين بالمعنى الأخص (لخرج كثير من معاني المجازات والكنايات) كالمثالين المتقدمين (عن ان يكون مدلولا إلتزاميا) إذ لا ملازمة بينا في أغلب المجازات والكنايات بين المعنى المراد والمعنى الموضوع له اللفظ وسيأتي بيان ذلك عند بيان أمثلة المجاز المرسل في قوله فان قلت قد ذكر في مقدمة هذا الفن الخ (بل لم يكن دلالة الألتزام أيضا) كدلالة المطابقية (مما يتأتى فيه الوضوح والخفاء) إذ البين بالمعنى الأخص لأخفاء فيه أصلا فتلخص من جميع ما ذكرنا ان ليس المراد باللزوم امتناع الأنفكاك في الذهن أو الخارج بل اتصال في الجملة ينتقل الذهن بسبب من أحد المتلازمين إلى الآخر وهذا متحقق في جميع أنواع المجازات والكنايات.
(والايراد المذكور أي إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في الوضوح لا يتأتى) اي لا يقبل الأتيان أي لا يجيئ أي لا يمكن (بالوضعية اي بالدلالات المطابقية) وإنما جمع الدلالات لأن الأختلاف في الوضوح إنما