فقوله (بل الجواب) الصحيح عن ان قيل أي عن فما وجه الاحتياج الى تقدير مثل (انه لما انفتح باب الحذف والتقدير فتقدير مثل ذوي صيب اولى من الاقتصار على تقدير ذوي لأنه ادل على المقصود وأشد ملائمة للمعطوف عليه اعني قوله تعالى (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) فليتأمل فإن الفرق بين ما يحتاج الى التقدير وما لا يحتاج دقيق.
(وقد ظهر بما ذكرنا ان من قال ان تقدير قوله (كَماءٍ أَنْزَلْناهُ) كمثل ماء على حذف المضاف فالمشبه به لم يل الكاف لكونه محذوفا فقد سهى سهوا بينا) لأن كون المشبه به محذوفا لا يقتضي ان لم يل الكاف وذلك لأن المقدر كالمذكور.
(وقد يذكر فعل ينبئ عنه اي عن التشبيه) من غير ذكر أداة فيكون الفعل قائما مقامها والمراد فعل غير ما تقدم في صدر المبحث مما يدل وضعا على التشبيه من نحو تماثل وتشابه (كما في علمت زيدا أسدا) وانما يستعمل علمت (ان قرب التشبيه) أي ان أريد افادة قرب المشبه للمشبه به وادعى كمال المشابهة (وأريد انه) أي زيدا (مشابه للأسد مشابهة قوية لما في علمت من الدلالة على تحقق الشبه ويتقنه) فيفيد المبالغة في التشبيه لتيقن الاتحاد وهذا يناسب الأمور الظاهرة البعيدة عن الخفاء.
(وكما في حسبت او خلت زيدا أسدا ان بعد التشبيه) اي اريد افادة ضعفه و (بعده) (ادنى تبعيد) بأن تكون مشابهة المشبه للمشبه به ضعيفة لكون وجه التشبيه من الأمور الخفية عن الإدراك (لما في الحسبان من الدلالة على الظن دون التحقيق ففيه اشعار بأن شبهه بالأسد ليس بحيث يتيقن انه هو هو بل يظن ذلك ويتخيل وفي كون هذا الفعل منبئا عن التشبيه نظر) أي لا يتم قول الخطيب فعل ينبيء عنه (للقطع بأنه لا دلالة للعلم والحسبان على ذلك)