(والمقصود الاظهر دل على ان المحذوف تناول لأن الغرض الأظهر من هذه الاشياء) المذكورة في الآية الكريمة (تناولها) فهو المحذوف (وتقدير التناول أولى من تقدير الأكل ليشمل شرب البانها فانه ايضا حرام وقوله منها ان يدل فيه تسامح لان ان يدل بمعنى الدلالة وليست من الادلة) وتأويله اما بأن يؤول الأدلة على الدلالات وهو الاولى او يؤول ان يدل بالدلالة التي بمعنى الفاعل كما هو قول في عسى زيد ان يقوم كما يؤول الموصول الحرفي وصلته بالمصدر بمعنى المفعول في قوله تعالى (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ.)
(ومنها ان يدل العقل عليهما اى على الحذف وتعيين المحذوف نحو (وَجاءَ رَبُّكَ) اي أمره او عذابه فان العقل) الكامل (يدل على امتناع المجيء على الله تعالى) واما العقل الناقص كعقل المجسمة القائلين بأن الله تعالى جسم فلا يدل على ذلك لانهم كالانعام بل أضل سبيلا فلذلك ينسب اليهم أمور لا يقبلها من له أدنى شعور (ويدل) العقل ايضا (على تعيين المحذوف بأنه الامر او العذاب اي أحدهما وليس المراد انه) اي العقل (يدل على تعيين) خصوص (الامر او تعيين) خصوص (العذاب فليتأمل) اشارة الى سؤال وجواب اما السؤال الحاصله ان او في قوله او عذابه للابهام وحينئذ فلا تعيين للمحذوف فلا يصح القول بدلالة العقل على التعيين وحاصل الجواب ان المراد انه يعين الاحد الدائر بين الامر والعذاب والاحد الدائر بين الامرين المذكورين معين بالنظر والدليل لعدم ثالث لهما وذلك لان العقل اذا تأمل ان ذلك المجيء في يوم القيامة ولم يجد ما يناسب يوم القيامة الموعود به للحساب والعقاب والرحمة إلا ان يقدر أمره الشامل للعذاب