بعدمه من إيجاز الحذف بل جعله من المساوات وهذا تناقض.
واجيب بأن جواب الشرط في البيت المتقدم تقدم ما يدل عليه فأغنى عرفا عن اعادته لانه لما تقدم عليه فكانه ذكر وفي الآية المذكورة هنا دل عليه متأخرا فلما تأخر الدليل ضعفت دلالته عليه فكانه لم يذكر فتأمل.
(مثالهما اي مثال الحذف للدلالة على انه شيء لا يحيط به الوصف والحذف ليذهب نفس السامع) في تقديره (كل مذهب ممكن (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)) والتقدير والله العالم لرأيت أمرا فظيعا وكذلك قوله تعالى (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) فان قلت تقدير الجواب بما ذكر فيه شيء لان عظمة الجواب وفظاعته موجودة ولو مع الذكر وعدم الحذف قلت ان الجواب شيء مخصوص حذف لاظهار فظاعته وتهويل السامع واما ما ذكر فهو تقدير معنوي (ومنه) قوله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ)).
فتحصل من جميع ما ذكرنا ان حذف جواب الشرط انما هو عند قصد المبالغة لكونه امرا مخوفا منه وذلك في مقام الوعيد او مرغوبا فيه وذلك في مقام الوعد كالآية الأخيرة والقرائن المقامية تدل على هذا المعنى والمعنيان أعني كون المحذوف لا يحيط به الوصف وكون نفس السامع تذهب فيه كل مذهب ممكن مفهومهما متباين ومصداقهما متحد فقد يقصدهما المتكلم البليغ معا وقد يخطر بباله أحدهما فقط ولتباينهما مفهوما عطف الثاني باو فقال او لتذهب نفس السامع في تقديره كل