في كونه من باب التقابل فيصح العطف والاتصال فكيف تحكم بنفي المجال للعاطف.
(قلت قد مر لي) أي لصاحب الكشاف في تفسير سورة البقرة (ان الكلام المبتدء عقيب المتقين) يعنى قوله تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) الى قوله (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (سبيله سبيل الاستيناف وانه مبنى على تقدير سؤال) قال في المثل السائر في بحث الايجاز ان الاستئناف في الآية واقع على اولئك لانه لما قال (الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) الى قوله و (بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) اتجه لسائل ان يقول ما بال المستقلين بهذه الصفات قد اختصوا بالهدى فاجيب بأن اولئك الموصوفين غير مستبعد ان يفوزوا دون الناس بالهدى عاجلا وبالفلاح آجلا انتهى.
فقوله على تقدير سؤال للأشارة الى إن كون الجملة الاولى منشاء للسؤال كاف في كون الثانية التى هي الجواب كالمتصلة بها من غير حاجة الى تقدير تشبيهها بالسؤال وتنزيلها منزلته (فذلك) اى كون الكلام المبتدء عقيب المتقين سبيله الاستيناف (إدراج له) أى لذلك الكلام (في حكم المتقين) فذلك الكلام (تابع له) اى للمتقين (في المعنى) اى بالنظر الى المعنى (وان كان مبتدء) اى كلاما مستقلا منقطعا عما قبله (في اللفظ) اى بالنظر الى الاحكام اللفظية اى النحوية (فهو) اى الكلام المبتدء عقيب المتقين اى الذين يؤمنون (في الحقيقة كالجارى عليه) اى على المتقين لانه وان كان في صورة كلام مستقل منقطع عما قبله حيث جعل مبتدأ لفظا واخبر عنه باولئك لكنه مرتبط به ارتباط التابع بمتبوعه ارتباطا معنويا صار به متصلا