وبالاخر وهو المنصوب في شبوه النار ، اى اوقدوا بين جوانحى نار الغضا ، يعنى نار الهوى التى تشبه نار الغضا. وليكن هذا على ذكر منك لأنه تأتى هذه المناقشة والاستخدام عن قريب.
فظهر مما تقدم ان هذا المثال ـ اعني «نهاره صائم» ـ لا يدفع بسهولة الشغب والجدال ، لما ظهر لك من كون الاستعارة في الضمير المستتر في صائم الراجع الى النهار (لكن المناقشة في المثال ليست من دأب المحصلين) بعد وضوح ما يراد من الممثل والمقال.
(و) الثالث (يستلزم ان لا يكون الأمر بالبناء في قوله تعالى (يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً) لهامان ، لأن المراد به) اى بهامان (حينئذ) اى حين اذ ذهب السكاكي الى ان الأمثلة المذكورة ونحوها استعارة بالكناية (هو العملة انفسهم ، وليس كذلك لأن النداء له) اى لهامان (والخطاب معه) اى مع هامان ، وذلك لأن فرعون مع كونه عاليا ومن المسرفين لا ينادى العملة ولا يخاطبهم ، كما هو الشأن في جميع الجبابرة.
(و) الرابع (يستلزم ان يتوقف) استعمال (نحو «انبت الربيع البقل» و «شفي الطبيب المريض» و «سرتني رؤيتك» مما يكون الفاعل الحقيقى هو الله تعالى على السمع من الشارع) وتعليم منه العباد.
والحاصل انه يلزم على ما ذهب اليه السكاكى من نظم المجاز العقلي في سلك الاستعارة بالكناية ان يكون الربيع اسما لله تعالى ، وكذلك الطبيب والرؤية ، وكذلك الوجه في قوله «يزيدك وجهه حسنا اذا ما زدته نظرا» ، وحينئذ يتوقف استعمال هذه الأمثلة على سماعها من الشارع (لأن اسماء الله) في لغة العرب (توقيفية) اى تعليمية