وكيف يقولونه ويطمعون في رواجه وهم بين ظهراني المهاجرين والانصار الذين مثلهم في التوراة والانجيل ، ألا ترى الى حكاية الله قول المؤمنين «رَبَّنا آمَنَّا».
(واما مخاطبة اخوانهم في الاخبار عن انفسهم بالثبات على اليهودية) والفرار عن اعتقاد الكفر والبعد من ان يزلوا عنه (فهم فيه على صدق رغبة ووفور نشاط) وارتياح للتكلم به وما قالوه من ذلك (فهو رائج عنهم متقبل منهم ، فكان مظنة للتحقيق ومئنة للتوكيد) اى موضع ان للتوكيد.
قال في المثل السائر : انما خاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية وشياطينهم بالجملة الاسمية المحققة بأن المشددة لأنهم في مخاطبة اخوانهم بما اخبروا به عن انفسهم من الثبات على اعتقاد الكفر والبعد من ان يزلوا عنه على صدق ورغبة ووفور نشاط ، فكان ذلك متقبلا منهم ورائجا عند اخوانهم ، وأما الذى خاطبوا به المؤمنين فانما قالوه تكلفا واظهارا للايمان خوفا ومداجاة ، وكانوا يعلمون انهم لو قالوه بأوكد لفظ واسده لما راج لهم عند المؤمنين الا رواجا ظاهرا لا باطنا ، ولأنهم ليس لهم في عقائدهم باعث قوى على النطق في خطاب المؤمنين بمثل ما خاطبوا به اخوانهم من العبارة المؤكدة ، فلذلك قالوا في خطاب المؤمنين «آمَنَّا» وفي خطاب اخوانهم «إِنَّا مَعَكُمْ» ، وهذه نكت تخفى على من ليس له قدم راسخة في علم الفصاحة والبلاغة ـ انتهى.
(وقد يؤكد الحكم) المسلم عند المخاطب لا لكونه منكرا او لجعله كالمنكر ، بل (بناء على ان المخاطب ينكر كون المتكلم عالما به) اى (معتقدا له ، كما تقول) للعالم الكامل (انك لعالم كامل) مؤكدا