الوجود على ما هو المراد من الحمل كما سيأتى ، سواء كان الوجود ذهنيا او خارجيا ، فهو ـ اعنى الحكم ـ حكاية واخبار عن نسبة واقعية هي المحكى عنها ، وهي خارجة لا محالة عن الحكاية ، سواء كانت خارجية او ذهنية ، وهذا هو المراد من قولهم «ان الصدق مطلقا هو مطابقة النسبة الذهنية للنسبة الخارجية» والا فالنسبة مطلقا ليست الا ذهنية ، فهذه النسبة الخارجية بهذا المعنى «اى بمعنى الخارجة عن الحكاية» منقسمة الى النسبة الخارجية والنسبة الذهنية ـ انتهى محل الحاجة من كلامه.
واوضح من ذلك ما قاله صاحب التعليقة على قول صاحب المنظومة :
الحكم ان في خارجية صدق |
|
مثل الحقيقية للعين انطبق |
وحقة من نسبة حكمية |
|
طبق لنفس الامر في الذهنية |
وهذا نصه : فكلمة «النفس» في الأمر بمعنى الذات ، وكلمة «الأمر» بمعنى الشيء ، فنفس الأمر بمعنى ذات الشىء ، واطلاق النفس على الذات والأمر على الشىء كلاهما شايع مستفيض ، كما في مثل «جاءنى زيد نفسه» اى ذاته ، وقد جعل الشيء من احد معانى او احد معنيي الأمر حسبما حقق في الأصول ـ ككفاية الاصول للفاضل الهروى ـ فصدق القضية الذهنية حينئذ بمطابقتها مع نفسها.
فان قلت : المطابقة يجب ان تكون بين اثنين حتى يكون احدهما مطابقا والآخر مطابقا بالكسر في الاول والفتح في الثانى ، والنسبة الحكمية في القضية الذهنية شيء واحد ، وهي ان كانت مطابقا بالكسر فليس لها مطابقا بالفتح ، وان كانت مطابقا بالفتح فليس لها مطابق بالكسر ، فكيف يتصور مطابقة الشيء مع نفسه؟
قلت : يكفى في تحقق المطابقة مغايرة المطابق والمطابق بالاعتبار ، ولا يتوقف