التوفيق بين ما ذكر في هذا الكتاب في قوله «اذ به يكشف عن وجوه الاعجاز في نظم القرآن استارها» وبين ما ذكر في المفتاح «من ان مدرك الاعجاز هو الذوق ليس الا» فراجع (وكثير من مهرة هذا الفن تراه لا يقدر على تأليف كلام بليغ فضلا عما هو في الطرف الاعلى).
قال في المثل السائر : ويحكى عن المبرد رحمهالله تعالى انه قال : ليس احد في زمانى الا وهو يسألنى عن مشكل من معانى القرآن او مشكل من معاني الحديث النبوي او غير ذلك من مشكلات علم العربية فأنا امام الناس في زماني هذا ، واذا عرضت لي حاجة الى بعض اخوانى واردت ان اكتب اليه شيئا في امرها احجم عن ذلك ، لأني ارتب المعنى في نفسي ثم احاول ان اصوغه بألفاظ مرضية فلا استطيع ذلك ، ولقد صدق في قوله هذا وانصف غاية الانصاف.
(وما يقرب منه) اى من حد الاعجاز ، هذا بناء على ما قال : من ان (ظاهر هذه العبارة ان الطرف الاعلى) قسمان : احدهما ما (هو حد الاعجاز ، و) ثانيهما (ما يقرب من حد الاعجاز) فيكون قوله «وما يقرب» عطفا على الخبر اعنى حد الاعجاز ، لا على المبتدأ اعني هو.
(وهو) اى كون الاعلى قسمين ليكون «ما يقرب منه» قسما ثانيا له (فاسد ، لأن ما يقرب منه انما هو من المراتب العلية ولا جهة لجعله) اى ما يقرب منه (من الطرف الاعلى الذى اليه ينتهى البلاغة) لأن الطرف الاعلى بهذا المعنى ـ اى بالمعنى الذى اليه ينتهى البلاغة ـ لا تعدد فيه ، لانها بهذا المعنى شيء واحد إما شخصا او