اللفظ دون المعنى) الى هنا كان كلام الشيخ في ان الفصاحة صفة راجعة الى اللفظ دون المعنى ، ثم ايد هذا بنقل كلام عن الجاحظ وهذا نصه : ان سبيل الكلام سبيل التصوير والصياغة ، وان سبيل المعنى الذي يعبر عنه سبيل الشيء الذي يقع التصوير فيه ، كالفضة او الذهب يصاغ منهما خاتم او سوار ، فكما انه محال اذا انت اردت النظر في صوغ الخاتم وجودة العمل ورداءته ان تنظر الى الفضة الحاملة لتلك الصورة او الذهب الذي وقع فيه ذلك العمل ، كذلك محال اذا اردت ان تعرف مكان الفضل ، والمزية في الكلام ان تنظر في مجرد معناه ، وكما لو فضلنا خاتما على خاتم ـ بأن تكون فصة هذا أجود او فضته انفس ـ لم يكن ذلك تفضيلا له من حيث هو خاتم كذلك ينبغي اذا فضلنا بيتا على بيت من اجل معناه ان لا يكون ذلك تفضيلا له من حيث هو شعر وكلام ـ الى ان قال ـ والمعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمى والعربي والقروي والبدوي ، وانما الشأن في اقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وصحة الطبع وكثرة الماء وجودة السبك ، وانما الشعر صياغة وضرب من التصوير ـ انتهى.
ولا يخفى عليك ان بهذا يظهر ان الأعجمى بالالف من غلط النساخ فلا وجه لما في بعض الحواشي من احسنية اسقاط الواو ـ فتأمل جيدا
(فوجه التوفيق بين الكلامين) اي كلام الشيخ في المواضع التي ذكر أن الفصاحة صفة راجعة الى المعنى دون اللفظ ، وكلامه في بعض المواضع الأخر التي ذكر فيها ان فضيلة الكلام للفظه لا لمعناه (انه) اي الشيخ (اراد بالفصاحة) والفضيلة (معنى البلاغة كما) قدمنا ان اطلاق الفصاحة على البلاغة واقع في ألسنة العلماء ، وسيأتى نقله