أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ) وقد اتفق النحاة على انّ ـ ان ـ الواردة بعد ـ لما ـ وقبل الفعل زائدة.
فقلت له : النحاة لافتيالهم في مواقع الفصاحة والبلاغة ، ولا عندهم معرفة بأسرارهما ، من حيث انهم نحاة ، ولا شك انهم وجدوا : «ان» ترد بعد «لما» وقبل الفعل في القرآن الكريم. وفي كلام فصحاء العرب ، فظنوا ان المعنى بوجودها كالمعنى اذا اسقطت ، فقالوا هذا زائدة ، وليس الأمر كذلك ، بل اذا وردت «لما» وورد الفعل بعدها باسقاط «ان» دل ذلك على الفور ، واذا لم تسقط لم يدلنا ذلك على ان الفعل كان على الفور ، وانما كان فيه تراخ وابطاء.
وبيان ذلك من وجهين : احدهما : اني اقول فائدة وضع الالفاظ ان تكون ادلة على المعانى ، فاذا اوردت لفظة من الالفاظ في كلام مشهود له بالفصاحة والبلاغة ، فالأولى ان تحمل تلك اللفظة على معنى فان لم يوجد لها معنى بعد التعقيب والتنقير والبحث الطويل ، قيل : هذه زائدة ، دخولها في الكلام كخروجها منه ، ولما نظرت انا في هذه الآية وجدت : لفظة «ان» الواردة بعد «لما» وقبل الفعل ، دالة على معنى واذا كانت دالة على معنى ، فكيف يسوغ ان يقال انها زائدة؟؟
فان قيل : انها اذا كانت دالة على معنى ، فيجوز ان تكون دالة على غير ما اشرت انت اليه.
قلت في الجواب : اذا ثبت انها على دالة معنى ، فالذي اشرت اليه معنى مناسب واقع في موقعه ، واذا كان مناسبا واقعا في موقعه فقد حصل المراد منه ، ودل الدليل ـ حينئذ ـ انها ليست بزائدة.
الوجه الآخر : ان هذه اللفظة لو كانت زائدة ، لكان ذلك قدحا