غير حاجة اليه.
فاما الأول : وهو الذي يوجد في اللفظ والمعنى ، فانه ينقسم الى ضربين : مفيد ، وغير مفيد.
فالاول : : المفيد ، وهو فرعان : الأول : اذا كان التكرير في اللفظ والمعنى يدل على معنى واحد ، والمقصود به غرضان مختلفان ، كقوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) هذا تكرير في اللفظ والمعنى ، وهو قوله : (يُحِقَّ الْحَقَ) ، و (لِيُحِقَّ الْحَقَّ) انما جىء به هاهنا لاختلاف المراد ، وذاك : ان الأول تمييز بين الارادتين ، والثاني بيان لغرضه فيما فعل من اختيار ذات الشوكة على غيرها ، وانه ما نصرهم وخذل اولئك الا لهذا الغرض ، ومن هذا الباب قوله تعالى : (إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ* قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ* قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) وقوله : (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) والمراد به عرضان مختلفان ، وذلك : ان الأول اخبار بأنه مأمور من جهة الله : بالعبادة له والاخلاص في دينه ، والثاني اخبار بأنه يخص الله وحده ، دون غيره بعبادته مخلصا له دينه ، ولدلالته على ذلك :
قدم المعبود على فعل العبادة في الثاني ، واخره في الاول ، لأن الكلام اولا واقع في الفعل نفسه وايجاده ، وثانيا فيمن يفعل الفعل لأجله ، ولذلك رتب عليه فاعبدوا واما شئتم من دونه ، وعليه ورد قوله تعالى.
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ