الأنبياء وساق قصة يوسف مساقا واحدا : اشارة الى عجز العرب ، كأن النبي (ص) قال لهم : ان كان من تلقاء نفسى ، فافعلوا في قصة يوسف ما فعلت في سائر القصص.
قلت : وقد ظهر لي جواب رابع ، وهو : ان سورة يوسف نزلت بسبب طلب الصحابة ان يقص عليهم كما رواه الحاكم في مستدركه فنزلت مبسوطة تامة ، ليحصل لهم مقصود القصص : من استيعاب القصة وترويح النفس بها ، والاحاطة بطرفيها.
وجواب خامس ، وهو اقوى ما يجاب به : ان قصص الأنبياء انما كررت ، لأن المقصود بها افادة اهلاك من كذبوا رسلهم ، والحاجة داعية الى ذلك : لتكرير تكذيب الكفار للرسول (ص) ، فكلما كذبوا ، نزلت قصة منذرة بحلول العذاب كما حل على المكذبين ، ولهذا قال تعالى في آيات : (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) * (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) وقصة يوسف لم يقصد منها ذلك ، وبهذا ـ ايضا ـ يحصل الجواب عن عدم تكرير قصة أصحاب الكهف ، وقصة ذى القرنين ، وقصة موسى مع الخضر ، وقصة الذبيح.
فان قلت : قد تكررت قصة ولادة يحيى وولادة عيسى مرتين ، وليست من قبيل ما ذكرت.
قلت : الاولى في سورة «كهيعص» وهى مكية ، انزلت خطابا لأهل مكة ، والثانية في سورة «آل عمران» وهي مدنية انزلت خطابا لليهود ولنصارى نجران حين قدموا ، ولهذا اتصل بها ذكر المحاجة والمباهلة ، انتهى.
واما ـ المثل السائر ـ فقال : اعلم : ان التكرير من مقاتل علم