بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ).
ومنها : التعظيم والتهويل ، نحو : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) ، (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) فان قلت هذا النوع احد اقسام النوع الذي قبله ، (يعني : التأكيد الصناعي) ، فان منها التأكيد بتكرار اللفظ ، فلا يحسن عده نوعا مستقلا.
قلت : هو بجامعه ويفارقه ، ويزيد عليه وينقص عنه ، فصار اصلا برأسه ، فانه قد يكون التأكيد تكرارا كما قدم في امثلته ، وقد لا يكون تكرارا كما تقدم ـ ايضا ـ وقد يكون التكرير غير تأكيد صناعة ، وان كان مفيدا للتأكيد معنى ، ومنه ما وقع فيه الفصل بين المكررين ، فان التأكيد لا يفصل بينه وبين مأكده ، نحو : (اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ) (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ) فان هذه الآيات من باب التكرير لا التأكيد اللفظي الصناعي ، ومنه الآيات المتقدمة في التكرير للطول.
ومنه : ما كان لتعدد المتعلق ، بأن يكون المكرر ثانيا متعلقا بغير ما تعلق به الأول ، وهذا القسم يسمى : بالترديد ، كقوله : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) وقع فيها الترديد اربع مرات ، وجعل منه قوله (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) فانها وان تكررت نيفا وثلاثين مرة ، فكل واحدة تتعلق بما قبلها ، ولذلك زادت على ثلاثة ، ولو كان الجميع عائدا الى شىء واحد لما زاد على ثلاثة ، لأن التأكيد لا يزيد عليها ، قاله ابن عبد السّلام ، وان كان بعضها ليس بنعمة ، فذكر