وعادته ، فيستمر منه ذلك اذ العادة لا تترك غالبا) ، والسين (في سيقول) مفيدة للاستقبال اذ الاستمرار انما يكون للمستقبل ، (هذا منقوض بما يأتي في قوله تعالى : (لَوْ يُطِيعُكُمْ) لأن المراد به الماضي وفيه الاستمرار ، فتأمل). وزعم الزمخشرى انها اذا دخلت على فعل محبوب او مكروه : افادت انه واقع لا محالة ، ولم أر من فهم وجه ذلك ، ووجهه : انها تفيد الوعد بحصول الفعل ، فدخولها على ما يفيد الوعد (اي : الخير) او الوعيد (اي : الشر) مقتض لتوكيده وتثبيت معناه ، وقد اومأ الى ذلك في سورة البقرة فقال : في (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) معنى السين ، ان ذلك كائن لا محالة ، وان تأخر الى حين ، وصرح به في سورة براءة فقال : في (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة ، وهي تؤكد الوعد ، كما تؤكد الوعيد اذا قلت : سأنتقم منك ، انتهى كلام ابن هشام مع زيادة توضيحا ، فانت ترى ان المستفاد من كلام القوم الا بعضهم : ان السين لا يخرج عن الاستقبال ، وان جاء في بعض الموارد للتأكيد ، فيما نسبه الشارح الى الزمخشرى غير خال ، عن الضعف والاختلال ، على ما هو ظاهر المقال ، والله اعلم بحقيقة الحال.
ثم اعلم : انه قال بعض المحققين : ان معنى البيت : ان الشاعر قصد الاعتذار لأحبته في النشمر للسفر ، ويؤيد هذا المعنى ما قاله المبرد في الكامل : من ان هذا البيت لسان الحال لرجل فقير مالا او علما يبعد عن اهله واحبته ، ويسافر لتحصيل العلم والكمال ، او الثروة والمال ، ليحصل بذلك ما يوجب قربهم والوصال ، وتسكب عيناه الدموع في بعده عنهم لتجمد عند القرب الوصال. نظير قوله :