(وعلى هذا) المعنى الذي فهم من كلام الشيخ : (فالسين في سأطلب لمجرد التأكيد) ، ولا استقبال فيه ، لأن المعنى على ما بينه الشيخ : اني احزن اليوم ، فالحزن حاصل الآن ، فلا وجه لأن تكون السين للاستقبال ، فتكون لمجرد التأكيد (على ما ذكره) الزمخشري (ـ صاحب الكشاف ـ في قوله تعالى : (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) وغير ذلك) من الآيات التي فيها ـ السين ـ وليست للاستقبال.
(تنبيه) اعلم : ان الزمخشري لم يذكر ذلك في (سَنَكْتُبُ ما قالُوا) بل ذكره في قوله تعالى : (كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) ولم يذكر صريحا فيه انها للتأكيد ، وليست للاستقبال بل ظاهره يؤكد انها للاستقبال ، والله عالم بحقيقة الحال ، وهذا نص كلامه في هذه الآية : فان قلت : كيف قيل سنكتب بسين التسويف وهو كما قاله كتب من غير تأخير ، قال الله تعالى : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
قلت : فيه وجهان ، احدهما : سنظهر له ونعلمه انا كتبنا قوله على طريقة قوله :
اذا ما انتسبنا لم تلدنى لئيمة |
|
ولم تجدى من ان تقرى بها بدا |
اي : تبين ، وعلم بالانتساب انى لست بابن لئيمة.
والثاني : ان المتوعد يقول للجاني : سوف انتقم ، يعنى : انه لا يخل بالانتصار وان تطاول به الزمان واستأخر ، فجرد هاهنا لمعنى الوعيد ، انتهى.
نعم نسب ابن هشام الى بعضهم التصريح بذلك ، وهذا نصه : السين المفردة حرف تختص بالمضارع ، وتخلصه للاستقبال ، وتنزل منه منزلة