(بالرفع) ، لأنه معطوف على جملة ـ سأطلب ـ وهي جملة مستأنفة نحوية ، مجردة عن العوامل اللفظية ، فكذلك ما عطف عليها ، (وهو) اى : الرفع ، (الرواية الصحيحة المبني عليها كلام الشيخ) عبد القاهر ـ (في دلائل الاعجاز) ـ حيث صرح بان تسكب ابتداء كلام ، وهذا نصه. بدأ فدل بسكب الدموع على ما يوجبه الفراق من الحزن والكمد فاحسن واصاب ، لأن من شان البكاء ابدا ان يكون امارة للحزن وان يجعل دلالة عليه وكناية عنه ، كقولهم : ابكاني واضحكني ، على معنى : سائنى وسرني ، انتهى محل الحاجة من كلامه.
(فائدة) اعلم : ان السلف من العلماء اعتنوا بعلم اللغة وحفظها والتحرى في اخذها مصححا من الثقاة في ذلك العلم ، وكذلك في حفظ الأشعار ، وذلك : لأن علم اللغة من الدين ومن فروض الكفايات على من اعتنق شريعة سيد المرسلين (ص) ، اذ به تعرف ما في القرآن والأخبار من الأحكام ، وعليه يتوقف الخروج من حضيض التقليد الى اوج الاجتهاد ، ومن طريف ما يحكى في هذا الباب حكايتان حكاهما في ـ المزهر ـ الاولى : قال الامام ابو محمد القاسم بن علي البصرى الحريرى ، صاحب ـ المقامات ـ اخبرنا ابو على التسترى ، غن القاضى ابى القاسم عبد العزيز بن محمد ، عن ابى احمد الحسن بن سعيد العسكرى اللغوى ، عن ابيه ، عن ابراهيم بن صاعد ، عن محمد بن فاصح الأهوازى ، حدثنى النضر بن شميل ، قال : كنت ادخل على المأمون في سمره ، فدخلت ذات ليلة وعلي قميص مرقوع ، فقال : يا نضر ما هذا التقشف حتى تدخل على امير المؤمنين في هذه الخلقان ، قلت : يا امير المؤمنين انا شيخ ضعيف ، وحرّ مر وشديد ، فاتبرد بهذه الخلقان