والحديث والجملة بعدها : خبر عنها ، وقد قدم بعض ما اذ مضافة اليه ، وهو اسد عليها ، وفي تقديم المضاف اليه ، او شىء منه على المضاف ، من القبح ما لا خفاء به ، ـ وايضا ـ فان اسدا احد جزئي الجملة المفسرة للضمير والضمير لا يكون تفسيره الا من بعده ، (كما بيناه عند عد المواضع الستة ، التي يجوز فيها عود الضمير على المتأخر ، لفظا ورتبة) ، ولو تقدم تفسيره قبله : لما احتاج الى تفسير ، ولما سماه الكوفيون : الضمير المجهول ، وعلى هذا النحو ، ورد ـ ايضا ـ قول الفرزدق :
وما مثله في الناس الا مملكا |
|
ابو امه حى ابوه يقاربه |
ومعنى هذا البيت : وما مثله في الناس حي يقاربه ، الا مملكا ، ابو امه ابوه ، وعلى هذا المثال المصوغ في الشعر ، قد جاء مشوها كما تراه ، وقد استعمل الفرزدق من التعاظل كثيرا كأنه كان يقصد ذلك ويتعمده ، لأن مثله لا يجيء الا متكلفا مقصودا ، والا فاذا ترك مؤلف الكلام نفسه تجري على سجيتها وطبعها في الاسترسال : لم يعرض له شيء من هذا التعقيد ، الا ان المقصود من الكلام معدوم في هذا الضرب المشار اليه ، اذا المقصود من الكلام انما هو الايضاح والابانة ، وافهام المعنى ، فاذا ذهب هذا الوصف المقصود من الكلام : ذهب المراد به ولا فرق عند ذلك بينه وبين غيره من اللغات ، كالفارسية والرومية وغيرهما ، واعلم ان هذا الضرب من الكلام هو ضد الفصاحة ، لان الفصاحة : هي الظهور والبيان ، وهذا عار عن هذا الوصف ، انتهى.
(واما) لخلل واقع (في الانتقال ، اي : لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على) المعنى (المراد) منه ، (لخلل) حاصل (في) الكلام