المنثور ، غير انه قليل بالنسبة الى ما ورد في اشعارها ، وقد تأملت القرآن الكريم ، فلم اجد فيه شيئا منها ، ولا ينبغي ان يتضمن منها شيئا ، لأنه لا يستنبط بالحدس والحزر ، كما تستنبط الألغاز ، انتهى.
وانا اقول : لا يستبعد ان يكون في القرآن الكريم من الألغاز والمعمى ، والاحاجى ، ويستنبطونها : ذوو الحدس الثاقب ، الذين هم المخاطبون بمتشابهاته ، لا من يقرؤه ولا يفهم منه الا ما هو ظاهر آياته ولا يتدبر في بيناته ، ابتغاء الفتنة من تأويلاته ، وقد رأيت في بعض المجاميع : ان رجلا قال لمولانا ومولى الكونين ، الذي جعله الرسول احد الثقلين : هل في القرآن شىء من الألغاز؟ فقال (ع) نعم ، وهو قوله تعالى : (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) لأنه لغز باسم هود النبي (ع) ، اذ ناصية لفظة الدابة : الدال ، فاذا اخذ لفظة : هو ، في اول الدابة ، اي : جعل معها كلمة واحدة ، يصير : هود.
وقد يلغز بهيئة كلمة وتشديدها ، كما ينقل : ان احد الأمراء كان في قلب الملك منه شىء ، فكتب الملك اليه كتابا لاحضاره ، وكان كاتب الكتاب صديقا حميما له عنده ، فلما وصل المكتوب الى ذلك الأمير ، وصمم على ان يحضر عند الملك ، قال ابن الأمير : وكان ذا رأى صائب ، وحدس ثاقب ، لا تحضر يا ابتاه عنده ، لأنه يريد ان يقتلك قال الأمير : من اين تقول هذا؟ وكيف ذلك؟ فقال ابنه : اما ترى ان الكاتب كتب نون ـ انشاء الله ـ بالتشديد ، مع كسر همزتها ، وضبطها ضبطا صحيحا لا يصدر مثله عن سهو ، فالغرض من ذلك : الاشارة الى قوله تعالى : (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ).
ومن ذلك : ما روى ان أبا طالب (ع) ، لما حضره الوفاة آمن